من خلال عملي مع الصم واطلاعي على كتبهم والأساليب التدريسية الملائمة لهم، لمست الحاجة إلى توفير وسائل بصرية وفق معايير معينة تتعلق بتعليم هذه الفئة، وبخاصة أن الوسائل المقدمة لهم تكاد تكون معدومة، ولا يوجد كتب ملائمة لهم. وقد شكل هذا الأمر حافزاً لي لتقديم بعض الوسائل المحوسبة والصور المدعومة بلغة الإشارة الخاصة بتعليم الصم؛ فقمت بإعداد برنامج تعليمي مصحوب بترجمة فورية للغة الإشارة وفق مواصفات تربوية سليمة تراعي خصائص الصم، وبه دليل إشاري مصور لجميع فقرات البرنامج من محتوى وأسئلة، وبه أيضا جزء خاص للتقويم الذاتي للطالب يوفر تعزيزا فوريا بأسلوب جذاب.

 

تضمن البرنامج التعليمي مجموعة من المثيرات البصرية (الرسوم التوضيحية والصور المتحركة ومقاطع الفيديو) وتوضيحها بلغة الإشارة المناسبة؛ مما أعطى الطالبات الصم الفرصة الكافية لفهم المفاهيم الغامضة التي كانت تعرض بشكل مجرد في الكتاب المدرسي؛ وهذا الأمر أسهم في تقليل اعتماد هؤلاء الطالبات على الآخرين، وساعد في اندماجهن مع مجتمعهن والتواصل والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، كما ساعد في تنمية مهاراتهن الحياتية.

أنا معلمة تكنولوجيا أعمل مع الصم منذ 10 سنوات. ومن خلال عملي في مجال الصم ومعرفتي لنقاط الضعف في الكتاب المدرسي المقدم لهم، قمت بتفعيل دور الأشخاص الصم ذوي الخبرة لمساعدتي باختيار الإشارات المناسبة لي في المنهاج، حيث قمت بعمل دليل إشاري مصور، إضافة إلى نسخة ورقية مطبوعة للمادة، وقمت بتعميمها على الطلاب وعلى أولياء الأمور لتسهل عملية التواصل.

 كان للبرنامج التعليمي- الذي تم إعداده والوسائل البصرية المساعدة للصم- الأثر الكبير في زيادة تحصيل الطالبات، وذلك لأنه تم فيه إعادة صياغة الدروس بشكل مبسط ومتدرج يتناسب وقدرات الطالبات الصم، وتم إعداد محتوى البرنامج بطريقة جذابة تمكن الطالبات- في كثير من أجزائه- من التعلم باللعب، فضلا عن التنويع في المثيرات البصرية ومقاطع الفيديو المدعومة بلغة الإشارة التي أدت إلى إضافة عنصري الجذب والتشويق للبرنامج؛ الأمر الذي سهل على الطالبات دراسة بعض المهارات وإتقانها إلى حد كبير.

 استفادت فئة الطالبات الصم من المبادرة المتمثلة في البرنامج التعليمي نظرا لأنه عرض المنهاج بطريقة تُثير تفكيرهن، وتساعدهن على التفكير الناقد والابتكاري، فضلا عن استخدام البرنامج المحوسب- المترجم بلغة الاشارة- طرائق واستراتيجيات تدريس تساعد على استيعاب المفاهيم وتعرضها بأسلوب مبسط وشيق يجذب انتباه الطالبات ويزيد من تركيزهن.

 

 

العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة

استعنت بخبراء الاشارة من صم وناطقين، للوصول إلى إشارات علمية تفيد المادة التعليمية، كما قمت بإعداد قائمة احتياجات للصم من ناحية تعليمية. وباستخدام معمل الكمبيوتر الموجود بالمدرسة طبقت الطالبات بعض البرمجيات والوسائل المساعدة لهن- مثل برنامج إلكتروني مترجم بلغة الصم- وكذلك الأدوات الالكترونية المتوفرة بمعمل العلوم والتكنولوجيا.

 قمت بعقد عدة دورات للطلاب الصم لتدريبهم على كيفية التعامل مع الكمبيوتر، وقمت بإعداد برنامج الكتروني للصم وهو أول برنامج مترجم بلغة الإشارة تناول المصطلحات الجديدة للمنهاج بطريقة جذابة تصاحبها المثيرات البصرية؛ فكانت التجربة جديدة لدى الصم الذين قرروا تحدى الإعاقة؛ فتركوا الكتاب المدرسي المقدم بصورة مجردة، وأقبلوا على التعلم بدافعية واجتهاد.

 وفرت المدرسة بيئة تربوية ملائمة للطلبة مكنتهم من الشعور بأنهم أسوياء مقارنة بأقرانهم العاديين في الأنشطة الصفية وغير الصفية، ووفرت لهم مختبر حاسوب تم فيه تطبيق البرنامج. وكذلك وفرت مختبر العلوم الذي أتاح للطلبة تطبيق بعض المهارات الإلكترونية. وتم عمل أدلة إشارية لأسر الصم والمعلمين حول كيفية استخدام الكمبيوتر للصم ليساعدهم خلال حياتهم العملية. وتم تصوير أحد الطلبة الصم وهو يظهر كمترجم للمفاهيم والكلمات الجديدة التابعة لوحدة الإلكترونيات بلغة الإشارة.

أعمل معلمة بمدرسة الرافعي وهي أول مدرسة ثانوية للصم، ولا يوجد فيها كتب خاصة بالطلبة الصم، والكتب المقدمة صعبة ولا تناسبهم. ولا يوجد ما يساعد هؤلاء الطلبة من وسائل أو برمجيات تناسبهم، ولا توجد إشارات لكثير من المفاهيم والمصطلحات العلمية، فضلا عن مشكلة النسيان التي يعاني منه الطلبة الصم.

 ولتجاوز هذه الصعوبات، تم عمل عروض توضيحية مبسطة لما تضمنته الكتب، وتقديم برامج مترجمة بلغة الإشارة المدعمة بمقاطع الفيديو وفق معايير تربوية صحيحة. فضلا عن إعطاء دورات تدريبية للطالبات الصم لمساعدتهن على التواصل مع الآخرين من خلال لغة الإشارة.

 

أدى تصميم البرنامج التعليمي متعدد الوسائل وفق الخصائص التربوية المناسبة لفئة الصم إلى توفير مصدر تعلم يعرض المادة التعليمية بأسلوب تفاعلي يناسب خصائص وحاجات الطالبات الصم، ويساعدهن على اكتساب المفاهيم العلمية والمهارات الإلكترونية الخاصة بوحدة الإلكترونيات.

 ساعد هذا البرنامج التعليمي في جعل الطالبات أكثر تفاعلا وحرصا على فهم المادة. وبمجرد علم المؤسسات الخاصة بالصم بذلك البرنامج تم طلبه لاستخدامه مع الطلبة الصم، كما طلب من الوزارة تبنيه وتوزيعه على المدارس المختصة ليطبقوه على باقي المواد الأخرى.