باسم محسن طه مصفر
الدورة الرابعة
"الأذن السليمة تجنب الطلبة التشتت وضعف التركيز"
باسم محسن طه مصفر
مديرية الصحة/ طولكرم
وصف موجز للمبادرة ودوافعها
منذ أربع سنوات، شكت لي الإدارة والهيئة التدريسية في مدرسة ذكور ارتاح أثناء زيارتي الميدانية لها من تشتت بعض طلبة الصفين السابع والثامن، وعدم قدرتهم على التركيز والتفاعل على النحو المطلوب داخل الصف؛ مما أثر سلبا على تحصيلهم ونتائجهم. وقامت إدارة المدرسة بترتيب لقاء لي مع هؤلاء الطلبة للاستماع إليهم، وإجراء فحص نظر وآخر للسمع. ولما كان السمع موضعا للشك، أجريت الفحص المنظاري لأذن الطلبة؛ فوجدت انسدادا في القناة السمعية بسبب تراكم المادة الصمغية، لعدم تنظيف الأذن بطريقة سليمة.
لذلك قررت الانطلاق بهذه المبادرة التي تركز على فحص الأذن لدى طلبة الصفوف من السابع حتى العاشر؛ حيث يقوم الطبيب العام بفحص القناة السمعية بالمنظار؛ فإذا تبين وجود إنسداد في القناة بسبب تراكم المادة الصمغية، يتم تعبئة نموذج التحويل لأخصائي الأذن. ويتم أيضا الترتيب للمثقفة الصحية لإعطاء محاضرة حول الموضوع، والترتيب للممرضة أو الطبيت لتقديم شرح توضيحي يبين الطريقة السليمة في تنظيم الأذن.
جوانب التميز في المبادرة
يتشكل فريق الصحة المدرسية في محافظة طولكرم من طبيب ومثقفة صحية وممرضة، ويقوم هذا الفريق بالتعاون المستمر مع قسم الصحة المدرسية في مديرية التربية، ومع إدارة المدارس. ويطبق الفريق نهجا صحيا بسيطا لفحص الأذن والكشف عن بعض أمراضها في وقت مبكر، وتقديم العلاج المناسب لتفادي حدوث أمراض مزمنة مثل: التهاب الأذن المزمن، وفقدان السمع. ويتصف الفحص بكونه غير مكلف وبسيط جدا، ويستطيع أي طبيب عام القيام به.
وبهذا، فإن المبادرة تسهم في تخفيف حدوث مضاعفات مستقبلية مثل تمزق طبلة الأذن التي بدورها قد تؤدي إلى التهابات مزمنة، وفي الحد من التهابات الأذن الداخلية في حال تمزق غشاء الطبلة؛ وهذا الإسهام يجنب الطالب تشتت الأفكار، ويساعده على التركيز على التعلم.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
لعبت المبادرة دوراً في توعية الطلبة والتوضيح لهم بأن من أهم مشكلات السمع هو تراكم الماده الصمغية على طبلة الأذن؛ مما قد يؤدي إلى تمزق الطبلة، أو حدوث التهابات متكررة للأذن يمكن أن تتحول إلى أمراض مزمنة إذا أهمل علاجها. وكذلك تم حث الطلبة على الاهتمام بنظافة الأذن، ومراجعة الطبيب أو الإدارة المدرسية في حال الإحساس بوجود مشكلة تتعلق بالسمع (صوت خافت، تشويش، طنين....الخ).
ازداد اهتمام الطلبة بالعناية بنظافة الأذن، وأصبحوا أكثر وعيا بأهمية ذلك على صحتهم وتحصيلهم. وازدادت ثقة المجتمع المحلي وأولياء الامور بالمدرسة بعد أن أحرز الطلبة تقدما في تعلمهم، وتحسنا في صحتهم الجسدية والنفسية.
العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة
أدت الخبرة العملية والثقة المتبادلة المتوافرة لدى فريق الصحة المدرسية المكون من طبيب وممرضة ومثقفة الصحة إلى سهولة التعاطي مع أية مشكلة ذات علاقة بالأذن. وساعد الإشراف المستمر من قبل الفريق في كل من مديرية الصحة والتربية في متابعة الطلبة، وتعزيز العلاقة مع الإدارة المدرسية؛ مما أسهم في سهولة اكتشاف الحالات المرضية المتنوعة بين الطلبة. كما كان للإرشاد التربوي أثر كبير في تحسين العلاقة بين المدرسة وبين الطلبة.
كان لملاحظة الهيئة التدريسية للتدني السريع والملحوظ في التحصيل العلمي بين الطلبة، واستدعائهم لطبيب الصحة المدرسية والتعاون معه لتتبع ذلك والبحث عن السبب، دورٌ مهمٌ في إنجاح المبادرة.
وتضافرت جهود الجميع- معلمين، وطلبة، وأهالٍ، وفريق صحة مدرسية- وأكدت على أهمية إجراء الفحص المنظاري للأذن، وبخاصة بعد أن تبين أن أعدادا هائلة من الطلبة يعانون من انسداد كلي أو جزئي للقناة السمعية. وشارك الطلبة في حملة التوعية عن طريق طرح مواضيع علمية تختص بنظافة الأذن. وتم التعاون مع الأطباء الاختصاصيين لمراعاة ظروف الطلبة ومساعدتهم على التخلص من مشكلة السمع المتعلقة بنظافة الأذن. وتعاونت إدارة المدرسة وهيئتها التدريسية وطلابها والمجتمع المحلي مع فريق الصحة المدرسية لإنجاح هذه المبادرة.
ومن جهة أخرى، أحدثت المبادرة تغيرا في طريقة العناية بنظافة الأذن ووقايتها من الأمراض في وقت قصير وبكلفة ضئيلة؛ مما قاد إلى تحسن تعلم الطلبة وتحصيلهم بعد زوال تشتت الأفكار، وضعف التركيز، والأصوات المشوشة، والطنين التي كانوا يعانون منها نتيجة انسداد القناة السمعية.
وكان للإدارة المدرسية وإدارة الصحة دور فعال، حيث تم تفريغ الفريق للقيام بهذا النشاط. وتقبل أولياء الأمور الفكرة وقدموا المساعدة للطلبة.ولا ننسى التثقيف الصحي ودوره الفعال في نشر الوعي الصحي بهذا الخصوص بين الطلبة والأهالي.
التعاطي مع الصعوبات والتحديات
نظرا لعدم وجود اختصاصي للأذن في القطاع الحكومي في ذلك الوقت، تم التنسيق مع مجلس الأهالي لكي يساعد في إحضار بعض الأطباء الاختصاصيين لإجراء الفحوصات الخاصة بالأذن.
الاهتمام والحراك الذي أحدثته المبادرة
أصبحت المبادرة نهجاً يطبق بين طلبة المدارس في المحافظة، وتم التأكيد على كون نظافة الأذن أمرا أساسيا في جميع المراحل الدراسية. وأبدى أولياء الأمور اهتماما بطريقة تنظيف الأذن، وتم التحدث عن ذلك في الاجتماعات الدورية مع الأهالي في مدارس المحافظة.
تقبل الطلبة الفكرة وساهموا بنقلها للأهالي بمساعدة قسمي الإرشاد التربوي والتثقيف الصحي، في حين بذلت الهيئات التدريسية الجهد الكبير في عملية تشجيع الطلبة لمراجعة الاختصاصي، وفي التوعية الصحية عبر القنوات المختلفة.