عريب مدحت أحمد سلامه
الدروة الرابعة
"تعلم الكبار مدخل للمواطنة الفاعلة "
عريب مدحت أحمد سلامه
مدرسة بنات قلنديا الأولى
منطقة القدس التعليمية
وصف موجز للمبادرة ودوافعها
تقوم فكرة المبادرة على تعزيز مفهوم المواطنة لدى الطالبات من خلال دراسة أهم مشكلات مجتمعهم ومحاولة إيجاد حلول لها. لقد رصدت الطالبات المشاركات في المبادرة مشكلة ارتداد الأهالي للأمية، وبخاصة الأهالي الذين لم يكملوا مرحلة التعليم الدنيا وتسربوا من المدرسة، إما بسبب إغلاق المدارس أو الخروج للعمل أو الوضع المادي؛ مما ولد فجوة أكاديمية بين الأهالي والأبناء. لذا سعت الطالبات لإيجاد مركز لتعلم الكبار معترف به رسميا من قبل وزارة التربية والتعليم، لتأمين تعليم الأهالي المرتدين للأمية حتى الوصول إلى شهادة الدراسة الثانوية.
ظهرت هذه الفكرة من خلال تلمس بعض الطالبات لاحتياجات المجتمع المحلي، حيث شعرن بفجوة في التعليم بين مستوى الطالبات الأكاديمي ومستوى الأهالي الأكاديمي، وظهرت هذه الفجوة جلية في عجز الأهالي عن دعم بناتهن أكاديميا بسبب كونهم إما أميين أو مرتدين للأمية، وهذا يعود لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أدت إلى أن يصبحوا بهذا المستوى الأكاديمي المتدني.
جوانب التميز في المبادرة
عززت المبادرة الشراكة والعمل التعاوني بين المدرسة من جهة، ومجلس أولياء الأمور والمجتمع المحلي من جهة ثانية؛ فالمركز الذي أنشأته المبادرة أصبح الآن إحدى مؤسسات مخيم قلنديا، وهو يقدم خدمات تعليمية لأهالي المخيم والمناطق المجاورة.
عملت المبادرة على فتح آفاق جديدة لدى الطالبات لطرح مشكلات مجتمعية والبحث فيها واقتراح بدائل وحلول عملية لها. كما أتاحت الفرصة للطالبات للعمل بروح الفريق، والاطلاع على القوانين المحلية، والتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني، والتركيز على الحلول بدلا من التركيز على المشكلات.
كما عززت المبادرة وعي الطالبات بمفاهيم الشراكة والمناصرة والمواطنة وحقوق الإنسان والعمل التعاوني والتعلم من خلال خدمة المجتمع، ووفرت لهن فرصة معايشتها في مواقف عملية وسياقات حياتية ومجتمعية.
وخاطبت المبادرة احتياجات فئة مهمشة في المجتمع تمثلت في آباء وأمهات الطلبة الذين كانوا يبحثون عن فرصة لإكمال تعليمهم الذي انقطعوا عنه لأسباب مختلفة.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
أثرت المبادرة في الطالبات بحيث دعمت شخصياتهن ونَّمت قدراتهن ومهاراتهن في التفكير الإبداعي والناقد وحل المشكلات، وعززت علاقات المدرسة بمجتمعها المحلي ومؤسسات المجتمع المدني الناشطة فيه.
كذلك ساعدت المبادرة المعلمة المنسقة وإدارة المدرسة في التواصل مع الطالبات، وتحفيزهن، وتشجيعهن على العمل التطوعي المسؤول، وتقديم خدمة مجتمعية لفئة الكبار أو من فاتهم قطار التعليم من أبناء وبنات المجتمع المحلي في مخيم قلنديا.
العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة
توافرت للمبادرة عدة عوامل أسهمت مجتمعة في نجاحها، منها قيام مركز إبداع المعلم بتدريب الطالبات على كيفية تصميم الاستبانات، وعقد اللقاءات مع الأهالي، ومناصرة المبادرة للحصول على مقر لمركز تعلم الكبار بالتعاون مع المؤسسات الأهلية في المخيم.
وتوزعت الطالبات المشاركات في المبادرة في عدة مجموعات لكل منها مهامها الواضحة، إذ قامت مجموعة باقتراح مشكلة وصياغة سياسات المبادرة، وقامت مجموعة ثانية بجمع المعلومات وتنظيم اللقاءات مع الجهات المختلفة، وقامت مجموعة ثالثة بالبحث عن الحلول والموازنة بينها. وشاركت المعلمة المنسقة الطالبات وأشرفت على عمل جميع المجموعات.
أما المجتمع المحلي، فكان خير مثال على التجاوب والتعاون، فقد تبرع بمقر كمركز لللمبادرة، وشارك في دعمها. وكذلك تلقت المبادرة دعما من قبل برنامج التعليم في وكالة الغوث، ومن قبل مديرية تربية ضواحي القدس التي وافقت على تبني المركز وانتداب معلمين للتدريس فيه.
أما المعلمة المسؤولة، فقد قامت بتدريب الطالبات على المشروع، والتنسيق بين الطالبات والمجتمع المحلي والمؤسسات المعنية. وأشرفت على عمل الطالبات وزودتهن بتغذية راجعة تطويرية.
التعاطي مع الصعوبات والتحديات
لم يتوفر أي تمويل مادي للمبادرة، ولكن تم استثمار رأس المال الاجتماعي من خلال إيجاد مقر للمركز تبرع به مركز التأهيل في مخيم قلنديا، بحيث كان القائمون إداريا عليه متطوعين في المركز.
واجهت المبادرة مجموعة من التحديات، منها: معرفة نسبة الأميين والمرتدين للأمية داخل المخيم، وتم ذلك عن طريق توزيع استبانات على أبناء المخيم والمقيمين خارجه بالاستعانة باللجنة الشعبية في المخيم، وإيجاد مقر رسمي للمركز تم الحصول عليه كتبرع من قبل المجتمع المحلي في المخيم، والتواصل مع وزارة التربية والتعليم، حيث تم الاتصال بالإدارة العامة للتعليم العام في وزارة التربية وإرسال بيانات المتقدمين.
الاهتمام والحراك الذي أحدثته المبادرة
لاقت المبادرة اهتماما ملموسا من قبل المجتمع المحلي واللجنة الشعبية في مخيم قلنديا، وحصلت على اهتمام كبير من قبل وكاله الغوث ووزارة التربية. واعترفت مديرية تربية ضواحي القدس بمركز تعليم الكبار بحيث أصبح المركز مسجلا رسميا في الوزارة، وقامت المديرية بإرسال معلمة وآذنة، للدوام في المركز. وتم الإعلان عن المركز من قبل طالبات البرلمان الطلابي في المدرسة بالتعاون مع اللجنة الشعبية. كما حفزت المبادرة الطالبات على العمل الجماعي والتطوعي، وعززت العلاقات بين المدرسة والمجتمع المحلي، وبخاصة أنها نجحت في تعزيز مفهوم المواطنة وحل بعض المشكلات المجتمعية.