Elham.ps
Ar|Eng
Elham.ps Elham.ps Elham.ps
الرئيسية » سفراء إلهام »   14 حزيران 2013طباعة الصفحة

دانية سامر حصارمة

الدورة الرابعة

"التعلم المدمج.. استثمار فاعل في التكنولوجيا وفي وقت المتعلمين"
 
 
 
 دانية سامر حصارمة
مدرسة بن راشد أل مكتوم
مديرية التربية والتعليم/ رام الله والبيره
 
 
 
 
وصف موجز للمبادرة ودوافعها
تسعى هذه المبادرة التعليمية التعلمية إلى الدمج بين التعلم وجها لوجه وبين التعلم الإلكتروني، بصفته التفاعلية الاجتماعية، لا بصفته التلقينية، مستخدمة تقنيات Web 2.0 وبالتحديد الFacebook، لإنشاء مجموعات تفاعلية للطلبة، يتناقشون فيها ويلعبون الألعاب التعليمية، ويتعاونون على حل الوظائف وحتى تقديم الامتحانات الإلكترونية. وتم إنشاء مدونة تعليمية لتكييف المنهاج بما يناسب التعلم الإلكتروني، ومن ثم أنشأت قناة على الYouTube ضمت إنجازات الطلبة وتجاربهم وأعمالهم التي قاموا بتصويرها ومنتجتها  بأنفسهم، لينتقلوا من مربع استهلاك المعرفة إلى إنتاجها.
 أقدمت على هذه المبادرة، بعد أن أتيحت لي كمعلمة فرصة للإطلاع على بعض المجالات المخلتفة لتوظيف أدوات التكنولوجيا المعاصرة في التعلم، وبخاصة تلك التي أصبحت متوافرة لنا وللطلبة ويمكن الوصول إليها. وكان ذلك خلال دراستي لماجستير التربية/ تركيز علوم في جامعة بيرزيت، حيث كان لأحد مساقاتها التكنولوجية أشد الأثر في تغيير وجهة نظري عن التعلم الإلكتروني، وسمح لي بالانفتاح على عالم التقنيات التي يمكن أن تستخدم لتطوير نوعية تعلم الطلبة، وتعزيز دافعيتهم، واستغلال تعلقهم بالتكنولوجيا وتحويله لصالحهم. بناء على ذلك، قررت أن أستثمر في هذه الأدوات لصالح تعلم الطلبة، بدلا من تركها مصدر إلهاء وتشتيت، كما يحدث مع الكثير من الأطفال الذين يجهلون منافعها ويسيئون استغلالها؛ بل تكون بالنسبة لهم مضيعة لوقتهم الثمين، بدلا من أن تكون منفعة.
أما المنطلقات التربوية للمبادرة، فقد كانت نظرية البنائية الاجتماعية التي تؤكد على أهمية تعلم الطلبة في بيئات اجتماعية تفاعلية بين الأقران، بحيث يكون دور المدرس توجيهيا فقط، مما يمنح الطلبة فرصة الإبداع والتميز، ويجعلهم يتحملون مسؤوليات تعلمهم، بالإضافة إلى النظرية المعرفية التي تؤكد على أهمية الصور والتسجيلات في اختصار مساحات الذاكرة لدى الطلبة وتركيزها.
 
جوانب التميز في المبادرة
تتلخص القيمة الإبداعية للمبادرة في اتجاهين، أولهما: تحويل البيئات الإلكترونية التي تبهر الطلبة وتستنزف أوقاتهم- إذا لم يتم توجيهها- إلى بيئات تعلمية فعالة؛ فالتعلم يحدث أثناء نقاشهم مع زملائهم وأثناء لعبهم وتفاعلهم؛ مما يخلق منافسة تحفز الدافعية والإبداع، بالإضافة إلى أن الطالب يصبح- فعلا وليس تنظيرا- محور العملية التعلمية. وثانيها: نقل الطلبة من مرحلة استهلاك المعرفة إلى مرحلة إنتاج المعرفة؛ فقد ابتكروا وسائل وطرقاً قاموا بتصويرها ومنتجتها وإخراجها بأنفسهم، ووضعوها في متناول الآخرين في العالم، للاطلاع والاستفادة من خلال تحميلها على موقع YouTube . وقد تمت مشاهدة هذه الابتكارات من قبل معلمة أمريكية أبدت إعجابها بالموضوع؛ وهذا أعطاهم ثقة بأنفسهم وبمقدرتهم على مواجهة التحديات التي تواجههم.
 تعد فكرة المشاركة جوهر هذه المبادرة، ابتداء بمشاركة المعرفة مع الطلبة وتعزيز مبدأ تعلم الأقران من بعضهم البعض، مرورا بتعزيز العمل الجماعي لدى الطلبة عبر تشاركهم في إنتاج الفيديوهات وإدخال المؤثرات الصوتية والكتابية وإنشاء قناة على اليوتيوب يتشاركون فيها سويا، وليس انتهاء بتشارك أعمالهم مع العالم أجمع عبر تحميلها على موقع اليوتيوب، وكذلك المشاركة الوجدانية الداعمة من قبل إدارة المدرسة والمعلمين والأهل.
 وهناك تميز آخر للمبادرة يتعلق بمادة الفيزياء التي كانت ميدانا لها، حيث تعتبر الفيزياء من المواد التجريدية التي تصعب على الطلبة؛ لكن المبادرة عملت على تحويلها مادة حية من خلال قيام الطلبة بإنتاج أفلام قصيرة تتناول شرح ظاهرة معينة، أو تثير النقاش حول موضوع معين، أو تثري المعرفة وتعرض تطبيقاتها العملية المختلفة وفوائدها للمجتمع. لقد ساعد ذلك الطلبة في تقبل مادة الفيزياء والإحساس بأهميتها في الحياة، كما عزز ثقتهم بأنفسهم عبر انتقالهم من الاستهلاك إلى الإنتاج، وعمل على تقوية العلاقة الإنسانية والتربوية بين المعلم وطلبته.
 
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
أعطت المبادرة للطلبة دافعا قويا للبحث عن المعرفة والمشاركة فيها مع زملائهم، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك، ومناقشتها والتعليق عليها، ثم حفزتهم على خلق سيناريوهات فعلية عن الأمور النظرية التي تعلموها، وقاموا تصويرها واستخدام برامج المونتاج لإخراجها بصورتها النهائية، ثم مشاركتها مع العالم. لقد أدى ذلك إلى تغيير نظرتهم لمادة الفيزياء وتوجهاتهم السلبية نحوها؛ وبالتالي رفع تحصيلهم فيها. وهذا ما لاحظه أولياء الأمور الذين واكبوا أبناءهم في هذه العملية، وشعروا بالفرق الحادث في تعلمهم ونتائجهم.
 كان التأثير الأبرز للمبادرة على الطلبة كفئة مستهدفة لها، وظهر هذا التأثير واضحا في جانبين هما:
أولا: دافعية الطلبة؛ حيث ظهرت في فترة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الطلبة وانتظارهم لأوقات التقائهم على الفيس بوك، ومناقشة الدروس ووضع الفيديوهات التعليمية، ويمكن التحقق من ذلك عبر الطلبة أنفسهم وأولياء أمورهم وحتى إدارة المدرسة؛ فقد أصبح الطلبة يقضون وقت الاستراحة في مختبر العلوم لتصوير التجارب وابتكار محاكاتهم الخاصة، ويتناقشون في منتجة أفلامهم وتحميلها، والمسارعة لمشاهدة صورهم أو أعمالهم على موقع اليوتيوب.
 
ثانيا: تحصيل الطلبة؛ أدى لجوئي إلى اعتماد طريقة تقييم مغايرة للطريقة التقليدية في التقييم إلى منح الطلبة، وخاصة ضعيفي ومتوسطي التحصيل مساحة لإظهار إبداعاتهم، والتعبير عن فهمهم للمادة العلمية بطرق مغايرة، وتعزيزي لهم في ذلك؛ مما ساعد في تطوير ثقتهم بأنفسهم وارتفاع علاماتهم. كما أن الطلبة ذوي التحصيل المرتفع شاركوا بقوة لإبراز تميزهم؛ مما ساعد في رفع تحصيلهم كذلك.
 
 العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة
لم تتطلب المبادرة موارد بشرية من خارج إطار المدرسة؛ إذ توافر لها طلبة مبدعون متلهفون للتعلم وإطلاق طاقاتهم، وإدارة مدرسية وهيئة تدريسية مؤمنة برسالتها، وساعية لتطوير البيئة التعلمية وإثرائها بمصادر تعلمية مختلفة. وقمت، من جانبي كمعلمة تؤمن بقدرات الطلبة وإمكاناتهم الكامنة، بتوفير الدعم الفني والتربوي للطلبة ومشاريعهم. كما توافر للمبادرة أولياء أمور متفهمون وداعمون للفكرة.
 أما الموارد المادية فقد كانت بسيطة؛ إذ تمثلت في كاميرا فيديو وفرتها المدرسة للطلبة لتصوير مشاريعهم الخاصة، كما وضع مختبر المدرسة بكافة أدواته تحت تصرف الطلبة لإتمام العمل بمشاريعهم، بالإضافة إلى برنامج الموفي ماكير Movie Maker المتوافر على كافة الحواسيب المستخدمة لبرمجية ويندوز، والاتصال بشبكة الانترنت. وهذه الموارد متوافرة لدى جميع طلبتي في منازلهم، فهم يمتلكون أجهزة حواسيب منزلية واتصال بالانترنت، ويستخدمونها في بناء المدونات ومجموعات الفيس بوك، والحوار والتواصل مع زملائهم ومعلمتهم بعد ساعات الدوام الرسمي.
 كما أن علاقتي بالطلبة سمحت لي بالاطلاع على سير حياتهم اليومية؛ فوجدت أن الغالبية العظمى تقضي وقتا كبيرا (يتعدى ثلاث ساعات يوميا) على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب، الأمر الذي قد يؤدي إلى تدني تحصيلهم وتشتت تركيزهم، لذلك كان لا بد من استغلال هذا الوقت أو جزء منه لتحقيق منفعة الطالب، ولذلك هيمنت البنائية الاجتماعية والتعلم بين الأقران ومشاركة المعرفة مع الآخرين على هذه المبادرة.
 
التعاطي مع الصعوبات والتحديات
تمثل أهم التحديات في ديمومة الاتصال بالانترنت لدى البعض من الطلبة، وكان يتم التغلب على ذلك عبر الاتفاق المسبق على مواعيد الاختبارات والواجبات، حتى يرتب الطلبة أمورهم في موعد محدد مسبقا. وكانت ساحة التفاعل مفتوحة حتى للطلبة الذين يتسنى لهم الولوج إلى الانترنت مرة واحدة أسبوعيا. كما تم توفير اتصال بشبكة الانترنت في مختبر المدرسة لكي يقوم الطلبة بتحميل إنتاجاتهم وفيديوهاتهم في المختبر، وحتى أستطيع توفير الدعم الفني لهم.
 
 الاهتمام والحراك الذي أحدثته المبادرة
كان الاهتمام بالمبادرة واضحا من قبل الطلبة؛ فقد استمتعوا بالأسلوب الجديد وأثار دافعتيهم للتعلم. ولاقت المبادرة قبولا لدى أولياء أمورهم لما رأوه من أثر على أبنائهم، كما لقيت استحسان إدارة المدرسة والمعلمين الآخرين، بحيث أن بعضهم سعى لتطبيقها في المواد الأخرى. وما زالت المبادرة مستمرة وقابلة للتجدد والتطور في عالم سريع التغير.
 

 

Elham.ps Elham.ps Elham.ps Elham.ps
تصميم و تطوير