مدرسة النور للمكفوفين
الدورة الرابعة
" تعلم أولياء الأمور لغة بريل يوفر تعلما نفسيا وتعلميا للطلبة المكفوفين"
مديرة المدرسة سمر أبو الوفا
الاستاذ سمير أبو الرب
المعلمة عروبة سرحان
مدرسة النور للمكفوفين
مديرية التربية والتعليم/ جنين
وصف موجز للمبادرة ودوافعها
تقوم هذه المبادرة على تدريب أولياء أمور الطلبة على استعمال لغة بريل من أجل تسهيل متابعتهم لتحصيل أبنائهم المكفوفين، وتمكينهم من التفاعل والتواصل معهم ومساعدتهم. فعندما يتقن أولياء الامور مثل هذه اللغة يمكنهم تقديم المساعدة لهؤلاء الأبناء؛ مما يسهم في اندماجهم في أسرهم وشعورهم بكيانهم.
ولكوني معلماً كفيفاً وأحس بما لا يحس به غيري نتيجة لهذه الاعاقة، تولد لدي دافع قوي لكي أقدم أي شي يمكنه أن يساعد الطالب الكفيف، ويخفف من شعوره النفسي بالعزلة؛ حيث إنه كثيراً ما يشعر بأن لا أحد يهتم به بما في ذلك أسرته، وبخاصة أن اللغة التي يدرس بها لا يفهمها أهله، ولا يجد من يساعده من بين أفراد أسرته.
جوانب التميز في المبادرة
تكمن أهمية المبادرة أولا بتحسين الصحة النفسية للإنسان الكفيف وجعله يشعر أن إعاقته ليست عائقا أمامه؛ إنما هو عنصر فعال في المجتمع كغيره، وذلك من خلال اهتمام أسرته به. فللمبادرة بعد إنساني واجتماعي وتعليمي يتمثل في جعل الكفيف يحس باهتمام أهله به، ويساعدونه في التدريس ويتابعون تعلمه أسوة بأخوته المبصرين، وهذا يعطي للكفيف شعوراً بالوجود والاحترام ضمن أسرته.
تتصف المبادرة بأهميتها للطالب الكفيف وأثرها الإيجابي الملموس على حياته وحياة أسرته، وهي مبادرة سهلة التطبيق إذا وجدت إرادة قوية من جميع المعنيين. فمن خلال تدريب بعض أفراد الأسرة على لغة بريل يمكنهم أن يتابعوا أبناءهم باستمرار ومساعدتهم على مواجهة إعاقتهم دون الشعور بالعزلة وتخلي الآخرين عنهم.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
لمست الكثير من التأثير سواء على الطلبة أو أولياء الامور من خلال هذه المبادرة، فبالنسبة للطلبة لا شك أن تحصيلهم العلمي في حالة ازدياد نظرا لزيادة اهتمام الأهالي بعد أن توافرت لديهم المعرفة التي تمكنهم من المساعدة والدعم. ويمكن التحقق من ذلك من خلال المقارنة بين تحصيل الطلبة الذين التزم أهاليهم بتعلم لغة برل وآخرين لم يتمكن أهاليهم من تعلم اللغة وهذا مثبت في سجلات المدرسة. ومن جهة أخرى، رحب المعلمون بالفكرة كونها تخفف من العبء الملقى على عاتقهم في تدريس الطلبة المكفوفين.
وبالنسبة للأهالي لمسنا الرضا منهم عندما أصبحوا قادرين على متابعة أبنائهم والتفاعل معهم بعد أن تعلموا لغتهم وأصبحوا قادرين على متابعة واجباتهم وتحضير الدروس وأيضا تزويدهم بوسائل تعليمية.
.
العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة
تحتاج لغة بريل في الأساس إلى طابعة بيركينز (Perkins) وورق خاص بها وهذا ما تم توفيره عن طريق مديرة المدرسة والصحفي على السمودي الذي قام بدور كبير في إثارة قضية احتياجات الكفيف على الصعيد المحلي والعالمي؛ أما المورد البشري- وهو الأهم- فقد تمثل بمديرة المدرسة التي وفرت الطابعات، إضافة إلى دور الاستاذ سمير أبو الرب الذي قام بتدريب الأهالي على هذه اللغة بتنسيق مع المعلمة عروبة سرحان.
لقد كان هناك توافق رائع ما بين المدربين والمتدربين وبخاصة في اختيار الوقت المناسب للطرفين؛ وبالتالي كان هناك التزام وحرص من الطرفين على التقيد بالموعد المحدد للتدريب. كما وأبدى الأهالي رغبة عالية في المشاركة كنا نلمسها في التدريب من خلال الأسئلة الموجهة للمدربين والاستفار عن كل ما يخص لغة بريل. والأهم من ذلك أن الأهالي- بعد اتقانهم لهذه اللغة- قاموا بتزويدنا بالوسائل التعليمية الملموسة الخاصة بالكفيف.
وساعد في نجاح المبادرة الاستاذ سمير أبو الرب، فهو عضو في اللجنة الفنية لتطوير التعليم لذوي الإعاقة البصرية، وقام بنقل هذه الفكرة لكافة الزملاء في اللجنة.
التعاطي مع الصعوبات والتحديات
لا شك أن بداية أية مبادرة تكون صعبة، فما بالك عندما نتحدث عن مبادرة تسعى إلى تعليم لغة المكفوفين لأناس مبصرين؟ إنه أمر غاية في الصعوبة. لقد لاقينا صعوبة في تقبل الأهالي لهذه الفكرة، ولكن بعد عدة لقاءات في المدرسة مع الأهالي الذين يأتون للاستفسار عن أبنائهم بدأنا نعرض الفكرة وأهميتها وما فيها من مصلحة لأبنائهم، وقمنا بتعليمهم أساسيات هذه اللغة (الحروف والأرقام). وبعد أن أتقنوا هذه الأساسيات والرموز أصبح لديهم دافع لتعلم المزيد، وأصبحت الفكرة مقبولة لديهم، وانتشرت هذه الخبرة حيث قام مجموعة من الأهالي بنقلها لغيرهم.
ومما ساعد في التعاطي بنجاح مع الصعوبات والتحديات، توافر معلمين خبراء في المدرسة تولوا عملية التدريب بأنفهسم، وهم المعلم سمير أبو الرب الذي قام بالتدريب على القراءة والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية، والمعلمة سلام هب الريح التي تولت التدريب على رموز الرياضيات، والمعلمة عروبة سرحان التي قامت بالتنسيق مع الأهالي والمدرسين. وقد تم كل ذلك تحت إشراف ودعم مديرة المدرسة سمر أبو الوفا.
الاهتمام والحراك الذي أحدثته المبادرة
لا شك أن تعلم مثل هذه اللغة من قبل أولياء الأمور ولد لديهم شعورا بالفخر والاعتزاز بما يقدمونه لأبنائهم إضافة إلى المعرفة بلغة جديدة. وقد أدى ذلك إلى تزايد زيارة الأهالي للمدرسة للاستفسار عن أبنائهم ومناقشة الأمور التعليمية مع المدرسين.
إن ذوي الإعاقة بشكل عام يعانون من الاحساس بالنقص والتهميش من أفراد المجتمع، وبالتالي نرى أن مبادرتنا سلطت الضوء على ذوي الإعاقة البصرية وعلى حاجاتهم إلى الدعم النفسي والتعليمي من قبل أفراد أسرهم. لذلك أخذنا نرى من خلال مبادرتنا كيف أصبح الطالب الكفيف يتمتع بمعنويات عالية، وأصبح يشعر بوجوده داخل أسرته ويلمس اهتمام والديه ويتواصل معهم، وأصبحنا نلمس أثر مبادرتنا من خلال زيادة التحصيل العلمي للطلبة الذين أتقن اهاليهم لغة المكفوفين.
لم تكن مبادرتنا محصورة بمنطقة معينة أو بفرد معين؛ وإنما هي مبادرة عامة قابلة للتطبيق في جميع المدارس المعنية بالمكفوفين؛ فلغة الكفيف لغة يفهمها كل كفيف في العالم وبالتالي يمكن تعميمها لتخدم كل كفيف أينما وجد.
أما بالنسبة للمجتمع المحلي، فبعد أن سمع ورأى اهتمام أولياء الأمور بأبنائهم، أصبح لديه فضول لمعرفة هذه اللغة؛ وبالتالي إبراز قضية الإعاقة البصرية كقضية إنسانية يجب الاهتمام بها.