موسى عوض أبو حديد
الدورة الرابعة
"مسابقة تفاعلية في الرياضيات: تعلم واستمتع بالتعلم"
موسى عوض أبو حديد
مدرسة دار الأيتام الأساسية ب
مديرية التربية والتعليم/ القدس
وصف موجز للمبادرة ودوافعها
إن ظهور أي مبادرة أو مشروع دليل على وجود حاجة، وكانت الحاجة الماسة لنا رفع مستوى الطلبة بعد أن تبين تدني مستوى التحصيل لديهم في السنوات الثلاث الأخيرة ، وبخاصة في مادة الرياضيات في الامتحان الموحد أو التشخيصي؛ ففكرة المبادرة نابعة من خبرة تربوية لجعل التعلم يتم باللعب، وتمت دراستها وتمحيصها من خبراء مطلعين على تحليل وإحصائيات النتائج للاختبارات الموحدة.
تقوم المبادرة على تصميم برنامج مسابقة تفاعلية في الرياضيات موجهة لطلبة الصف السابع في خمس مدارس. وبنيت هذه المسابقة على برمجية الموودل (Moodle)، وتم تزويد البرمجية بأسماء الطلبة والأسئلة التي كان يعدها المشرفون التربويون حسب الخطة السنوية. وقد قمنا بتخصيص اسم مستخدم وكلمة سر لكل طالب ليقوم الحاسوب باختيار خمسة طلاب عشوائيا كل أسبوع من كل مدرسة للإجابة عن أسئلة المسابقة التي تطرح من خلال البرمجية على موقع المديرية. وكان بإمكان مدير التربية ومدير المدرسة والمعلم والمشرف التربوي الإطلاع على مجريات المسابقة، وعلى العلامات التراكمية للطلبة المشاركين في كل أسبوع، وتقديم ما يلزم من تغذية راجعة لجميع الأطراف.
وانطلقت المبادرة من الإحساس بضعف الطلبة في مادة الرياضيات وذلك لعدم وجود محفزات حيوية تدفع الطالب لبذل الجهد الملائم في دراسة هذه المادة، ولكون مادة الرياضيات- حسب ما تعرض في المدارس- مجردة وخالية من المتعة. لذلك سعت المبادرة إلى النهوض بمستوى تعلم وتحصيل الطلبة في هذه المادة من خلال توظيف التعلم الإلكتروني على شكل مسابقة تجعل التعلم ممتعا، وتتيح المجال لمتابعة أداء الطلبة فيها وتوفر تغذية راجعة، فضلا عن تفعيل استخدام المختبرات الحاسوبية في المدارس على نحو حيوي.
جوانب التميز في المبادرة
عملت المبادرة على دمج تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال في التعلم وتنمية القدرة على تعلم الرياضيات والإقبال عليها، من خلال حوسبة كاملة لأوراق العمل والأسئلة، ووفرت وسيلة لإعطاء شروحات للطلبة في هذه المادة، وجعلت التعلّم أكثر تشويقاً وتحفيزاً وأكثر متعة وارتباطاً بالبيئة التعلمية للطلبة. كما قامت المبادرة باستثمار مصادر التعلم والمختبرات في المدرسة والمجتمع المحلي في خدمة تعلم الطلبة بشكل فاعل، ووظفت نتائج المسابقة وعملية التقويم في تحسين عوامل التعلم وبالتالي تحسين أداء الطلبة في الرياضيات.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
باتت فكرة التعلم الإلكتروني أوضح للطلبة، وأصبح حاجز الخوف بين الطالب والمادة سهل الكسر، وذلك لميل الطلبة بشكل كبير للتكنولوجيا وعالم الحاسوب والانترنت. ووجد الطلبة في تطبيق المبادرة شيئا ممتعا أثار روح المنافسة والحماس بينهم؛ مما دفعهم لكي يجتهدوا في دروس الرياضيات، للحصول على نتيجة جيدة في المسابقة وتحصيل رصيد أكبر للمدرسة.
وقد بذل المعلمون المزيد من الجهود مع الطلبة لتحسين مستوى أدائهم، من أجل تحصيل نقاط أعلى في المسابقة. وكان تركيز المعلم على جميع الطلبة، خاصة وأن المسابقة كانت تتم بشكل عشوائي بين الطلبة دون تمييز المستويات الفردية لهم. وكانت الاحصاءات الأولية والنتائج تظهر للمعلم جميع إجابات الطلبة، وبالتالي نقاط ضعفهم، ليقوم المعلم بدوره بتحديد خطط علاجية وتقويمية ملائمة لهم.
العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة
قام معلمو التكنولوجيا بدور جيد في تدريب الطلبة ومعلمي الرياضيات في المدارس المتسابقة. كما قام معلمو الرياضيات ببذل المزيد من الجهود على الطلبة لزيادة نسبة تحصيلهم؛ أما المشرفون التربويون، فقد وقع على عاتقهم مسؤولية إنشاء بنك للأسئلة ومتابعة أداء المعلمين من خلال أداء الطلبة في المسابقة.
ولعب مديرو المدارس المشاركة دورا أساسيا في تشجيع المعلمين والطلبة على الانخراط في المسابقة من أجل تحسين نوعية تعلم الرياضيات في المدرسة من جهة، ومن أجل الحصول على نتائج عالية لطلبتهم المشاركين في المسابقة من جهة أخرى.
وكان الارتفاع في مشاركة الطلبة في المسابقة يعود إلى تشجيع برمجية Moodle الطالب على مراجعة أدائه في المسابقات وأوراق العمل وتحديد نقاط ضعفه.
ولإنجاح المبادرة تم توزيع الطلبة على المسابقات، بحيث يتم التوظيف الأمثل للحواسيب في المدرسة، وتدريب معلمي التكنولوجيا على البرمجية الذين بدورهم قاموا بتدريب الطلبة ومعلمين آخرين. كما تم استخدام الانترنت لتوزيع أسئلة المسابقة وبالتالي عدم استخدام الورق وتوفير نفقات النقل والأمان. ولتقليل عدد المراقبين أثناء المسابقة، تم استخدام سياسات أمان إلكترونية، واستحداث آلية للتذكير بمواعيد المسابقات للطلبة والمعلمين، وذلك من خلال ربط تقويم البرمجية مع البريد الإلكتروني للطلبة والمعلمين وإرسال التنويهات بشكل آلي.
التعاطي مع الصعوبات والتحديات
لم يكن تطبيق فكرة المبادرة أمرا سهلا، بل اعتبر تطبيقها مغامرة مكلفة من حيث الحاجة إلى الوقت والخبرات الفنية تكنولوجيا وتربويا؛ فقد كان هناك حاجات برزت على شكل تحديات تمثل أهمها في الأسئلة الآتية: كيف ستتم إدارة محتوى التعلم الالكتروني؟ وكيف سيتم دمج التكنولوجيا بالتعلم؟ وما مدى معرفة المعلمين بأمور الشبكات والاتصالات وبلغات البرمجة وقواعد البيانات؟ وكيف يمكن بناء بنك أسئلة وفق مستويات بلوم؟
إن أكثر التحديات التي واجهتنا هي اتصال بعض الحواسيب بالشبكة، فقررنا بعد اجتماع الوصول لحلول مبتكرة لهذه المشكلة، وتبين بعد البحث أن المدارس جميعها على اتصال بالانترنت، إلا أن بعض الأجهزة المكتبية أو المخبرية قد تصادف أعطالاً فنية، لذلك تم العمل على إرسال وحدات لاسلكي للمدارس، وتصميم البرمجية لتوائم الأجهزة المحمولة كالجوال والحاسوب اللوحي. وتم وضع خطط عمل مدروسة جيدا، وخطط بديلة في حال فشل إحدى الخطط، بل وكان لدينا دراسة تفصيلية لطبيعة المشاكل التي ستواجه المبادرة، وآليات الخروج منها وتفاديها.
الاهتمام والحراك الذي أحدثته المبادرة
نظرا لكون المسابقة أسبوعية وتعمل البرمجية على انتقاء الطلبة بشكل عشوائي، أصبح لدى الجميع الطلبة الدافعية لبذل المزيد من الجهد لتحصيل المزيد من النقاط لمدرستهم، بل وأمكن للطالب أن يقيم نفسه بأوراق عمل بالبيت من خلال الانترنت. وأصبح لدى المعلم دافعية أكبر لبذل المزيد من الجهد مع الطلاب بسبب انتقاء البرمجية للطلبة من جميع الفئات دون تمييز.
وقد قوبلت فكرة المبادرة بالحماس من قبل الخبراء التربويين، فقد تلقينا العديد من الاتصالات من مديري مدارس كانوا قد سمعوا عن تطبيق المبادرة في بعض المدارس، واستفسروا عن إمكانية إشراك طلبتهم في المسابقة لتحسين أدائهم في مادة الرياضيات. وقامت بعض الجهات المعنية كالإدارة العامة للقياس التقويم والامتحانات، والإدارة العامة للإشراف في وزارة التربية والتعليم بالإطلاع على المسابقة والفكرة.
ومن جهة أخرى، لوحظ ارتفاع الحماس والتشويق لدى الطلبة، حيث كانوا ينتظرون بفارغ الصبر موعد المسابقة، وتفاعلوا معها بطريقة لافتة للنظر. وتجاوز تفاعل الطلبة مستوى المدرسة ليصل إلى المجتمع، من خلال مشاركة نتائجهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو مع المدارس الأخرى.