محمود يوسف جوابرة
الدورة الرابعة
"دقائق قليلة لكنها فعالة في التعلم"
محمود يوسف جوابرة
مدرسة ذكور بيت لحم الثانوية
مديرية التربية والتعليم/ بيت لحم
وصف موجز للمبادرة ودوافعها
نفذ طلبة المدرسة من الصف العاشر ولغاية الثاني عشر تجارب علمية أثناء الطابور الصباحي في يومي الثلاثاء والخميس من كل أسبوع، وكانت معظم التجارب التي تعرض من المنهاج، لتخدم عملية التعلم، وأحيانا كانت إثرائية داعمة للمنهاج. وقد جاء ذلك ضمن فعالية أطلق عليها: "دقيقة للعلوم".
كان الطلبة يقومون – كمجموعات - بالتدرب على التجارب في اليوم السابق للعرض، بحيث يشارك فيها معظم الطلبة وفقا لقدراتهم. وفي الفترة الأخيرة تم توسيع التجارب لتشمل مباحث دراسية أخرى مثل الرياضيات واللغة العربية وغيرهما. مع الإبقاء على دقيقة العلوم ثابتة في اليومين المخصصين، وتم تخصيص الأيام الأخرى لبقية المباحث.
نبعت فكرة المبادرة من خلال الإحساس بأن لدى الطلبة مشكلة حقيقية في العمل والتعلم داخل المختبر المدرسي لضيق الوقت وقلة الموارد المتاحة، ومن خلال ملاحظة عدم مشاركتهم بشكل فعلي ومميز؛ مما حدانا بالبحث عن طرق أخرى أكثر فاعلية لتعلم الطلبة العلوم. ولكن الفكرة تطورت بشكل سريع لتصبح تقليدا مميزا كل صباح ضمن فعالية "دقيقة للعلوم".
جوانب التميز في المبادرة
تم من خلال هذه المبادرة ربط المنهاج بالواقع، وإشراك الطلبة في الأنشطة لكي يتمكنوا من فهم المنهاج بالشكل الصحيح، بالإضافة إلى إعطاء الطالب المساحة الكافية والطبيعية للتجريب بنفسه وتنمية قدراته الإبداعية وتفعيلها.
وما يجعل المبادرة ملهمة هو انتقال التعلم من غرفة الصف إلى خارجها، وربط العملية التعليمية بالواقع العملي والتشاركية بين الطلبة والمعلمين، بالإضافة إلى استخدام المواد البسيطة الأولية المتوافرة في البيئة المحلية.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
لقد أثرت المبادرة، أثناء تطبيقها وبعد نجاحها، على كل الفئات التي سمعت عنها أو لاحظتها، وكان تأثيرها كبيرا على تحصيل الطلبة وعلى أدائهم في المدرسة، وتبين ذلك من خلال المشاهدات والملاحظات المستمرة في تقييم الطلبة، سواء من خلال سجلات العلامات أو المشاركة الصفية أو غيرها، ومن خلال طرح مجموعة من الأسئلة على الطلبة وملاحظة إجاباتهم عنها، فمثلا قال بعض الطلبة: "لم نستطع يوما فهم عمل البندول، رغم أن المعلم أعطانا عدة حصص عنه، ولكن استطعنا من خلال إجراء التجربة في خمس دقائق أثناء الطابور فهم كل شيء عن البندول".
كما أثرت المبادرة على سلوكات الكثير من الطلبة على نحو إيجابي، وبخاصة بعد أن قاموا بالمشاركة في عرض تجاربهم أمام زملائهم، وأصبحوا محط إعجابهم. وكان الأثر الأكبر واضحا عندما شارك 153 طالباً من المدرسة في المعرض العلمي الثاني الذي أقيم في أوائل أيار من العام الدراسي، وعرضوا تجاربهم وأبدعوا، مقارنة باشتراك 23 طالباً في المعرض العلمي الأول.
وانخرط المعلمون باهتمام بالغ في المبادرة؛ مما أعطاها زخما ملموسا، وبخاصة أن كثيراً منهم لم يعر اهتماما للمبادرة في البداية، ولكنه عندما شاهد أثرها على الطلبة، بدأ يعمل على تعزيزها. وانخرط في المبادرة أيضا معلمو اللغة العربية من خلال "دقيقة شعر"، ومعلمو الرياضيات من خلال تطبيق "دقيقة تفكير رياضي".
العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة
كان الطلبة أساس المشروع، ووقع العبء الأكبر عليهم في اختيار التجارب والتدرب عليها، وتأديتها أمام الطابور الصباحي، وفي ربط العلوم بالواقع. وقاموا بتشكيل مجموعات العمل المختلفة، وقضوا الوقت الطويل في التدرب والعمل الشاق لإخراج عملهم بشكل مميز. وقد أوجدت المبادرة منافسة حقيقية بين الطلبة، فقد تسابقوا إلى إجراء التجارب، في محاولة للوصول إلى فهم دقيق لمعنى العلوم.
وقام المعلمون بتعديل أساليبهم في التعليم والتقويم في ضوء ملاحظاتهم لأداء الطلبة واهتماماتهم؛ وفيما يتعلق بأولياء الامور، فقد تابعوا باهتمام مشاركة أبنائهم في أداء التجارب، وقاموا بمساندة المدرسة بشكل ملحوظ من خلال تقديم الدعم المالي. كما قام المعلمون بالإشراف المباشر على الطلبة سواء أثناء التدريب أو أثناء العرض، وتزويد الطلبة بتغذية راجعة تطويرية.
من العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة تجنيد العديد من الموارد في خدمة المبادرة، سواء كانت مادية أو بشرية، وقيام مجلس أولياء الأمور والمجتمع المحلي بتقديم مجموعة من الأدوات والوسائل المساعدة، وتشجيع الطلبة على المشاركة، وجمع بعض الأدوات اللازمة من مكب النفايات في مدينة الخضر للاستفادة منها في عمل التجارب، وكذلك تدريب الطلبة على الاستفادة من المواد المتوافرة في البيئة وعدم الاعتماد على المصُنع.
التعاطي مع الصعوبات والتحديات
واجهت المبادرة بعض الصعوبات، منها: ضعف قناعة بعض المعلمين بجدواها، وضيق الوقت المتاح لتدريب الطلبة أثناء الدوام، وصغر مساحة الملعب، وإضرابات المعلمين وما رافقها من تقطع في العملية التعلمية. وتم التشاور مع المهتمين بالمبادرة للتعاطي مع هذه الصعوبات وتذليلها، فقد تم إقناع معلم الكيمياء رائد أبو طه بالانضمام إلى المبادرة، وتبرع معلم اللغة الإنجليزية خالد بركات بالمساعدة، وبدأت المبادرة من خلالهما. وكذلك، تم الاتفاق مع المُعلمين على تدريب الطلبة المشاركين بعد الدوام لمدة ساعتين.
الاهتمام والحراك الذي أحدثته المبادرة
كان للمبادرة ونجاحها صدى في المحافظة، فقد قامت العديد من المدارس بنفس الخطوة، ومنها من أطلق عليها "شوف العلوم"، ومنها من أطلق عليها "دقيقة صحة". واتصل كثير من الزملاء بالمدرسة لمعرفة طبيعة المبادرة وكيفية الاقتداء بها. وتم تغطية المبادرة إعلاميا، حيث تناقلتها وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية، وقام تلفزيون معا وتلفزيون فلسطين بعرض المبادرة وتنظيم مقابلات مع القائمين عليها؛ مما أسهم في تعميم فكرتها. وكانت هناك متابعات حثيثة من قبل المجتمع المحلي، ووصل الأمر إلى حد أن سلطة المياه في الضفة الغربية اهتمت جدا بأحد منتجات الطلبة، وهو جهاز لفحص المياه وقياس نسبة الملوحة فيها، وقامت بعقد اتفاق شفوي معهم للاستفادة من هذا الجهاز. وزار المدرسة وفود عديدة مثل المسؤولين في مديرية التربية والمحافظ، وغيرهم، للاطلاع على برنامج "دقيقة علوم".