تغريد ابراهيم الديك
الدورة الرابعة
"تحويل المدرسة إلى فضاء تربوي ثقافي ترفيهي"
تغريد ابراهيم الديك
مدرسة بنات حبلة الثانوية
مديرية التربية والتعليم/ قلقيلية
وصف موجز للمبادرة ودوافعها
ينتهي أسبوع دراسي كامل تقضيه الطالبات تحت ضغط الحصص الدراسية المتتالية والحصص الإضافية،ناهيك عن عدم إعطاء حصص الفن بشكل مهني لعدم وجود معلمة متخصصة، وتغلق المدرسة أبوابها خلال العطلة لتصبح كالبيت المهجور. كل ما سبق يحول دون وجود بيئة مدرسية محفزة لنماء الطالبات ونشأتهن السوية، تمارس فيها الطالبات الأنشطة المتنوعة التي يعبرن من خلالها عن ميولهن ويبرزن مواهبهن ويصقلنها. من هنا كانت فكرة استثمار المشاريع المدرسية والأندية الصيفية كإناء يحتوي مواهب الطالبات ويؤطرها، وكمتنفس لتفيذ فعاليات تربوية ترفيهية تسهم في تنمية مهارات الطالبات في التفكير، ورعاية موهبة الكتابة الابداعية، وتعزيز القدرة على تجسيد أدوار درامية، والتعبير عن مكنون الذات بالفن. فضلا عن الانتقال بالمدرسة من مفهومها الضيق كمكان للتعلم إلى مفهوم رحب يتمثل في الفضاء التربوي والثقافي والترفيهي.
جوانب التميز في المبادرة
اشتملت المبادرة على العديد من جوانب التمييز، أهمها: تحسين فلسفة التعليم الحديث بتحويل المدرسة إلى فضاء تربوي ثقافي ترفيهي محبب للطالبات والأهالي على حد سواء، وابتكار استراتيجيات متنوعة ومحفزة للإبداع لدى الطالبات ومشوقة للتعليم والتعلم، وإطلاق الطاقات الإيجابية وتنمية المهارات العلمية والأدبية عن طريق تنفيذ أنشطة جاذبة.
ومن جهة ثانية، عززت المبادرة الهوية الشخصية للطالبات، وذلك بالتعبير عن الذات بطريقة إيجابية، وأسهمت في تعزيز ثقافة الأثر الإيجابي للمشاريع لدى أولياء الامور، وخلقت لديهم قناعة بأن تنمية المواهب لا تقل أهمية عن تحسين مستوى التحصيل العلمي.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
أثرت المبادرة على طبيعة العلاقة ما بين المعلمات والطالبات بحيث أصبحت الطالبات أكثر قربا من المعلمات وأكثر إيجابية في التعامل معهن؛ مما زاد من دافعيتهن نحو التحصيل الدراسي، وأدى إلى تحسن ملحوظ في مستوى التحصيل العلمي لبعض الطالبات. كما أثرت المبادرة على سلوك الطالبات مع بعضهن بعضاً، لأن التعبير عن الذات بأنشطة مختلفة يقلل من العنف ويحفز الطالبات على استثمار أوقات الفراغ.
وعملت المبادرة على تنمية مواهب الطالبات وصقل شخصيتهن، وتفريغ الطاقات السلبية من خلال التعبير عن الذات عند ممارسة الكتابة الإبداعية وتمثيل الدراما والتعبير بالفن عن نظرتهن للحياة بجوانبها المختلفة. كما أثرت المبادرة على المجتمع المحلي من خلال تعزيز العلاقة مع المدرسة عند المشاركة بحضور الفعاليات وتشجيع أعمال الطالبات، ومن خلال مشاركة بعض الطالبات الجامعيات الموهوبات بتدريب طالبات المشروع على بعض الفعاليات، وخلق نظرة إيجابية تجاه الأنشطة المرافقة للمنهاج ودورها في صقل الشخصية.
وبالنسبة لي كمديرة مدرسة، فقد كسرت المبادرة حاجز الرهبة والجمود ما بين الطالبات والمديرة، وأسهمت في التواصل مع الطالبات في إطار الاحترام المتبادل.
العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة
تم نشر فكرة المشروع والترويج له من خلال مجلس الأمهات الذي قام بتهيئة الأهل لتقبل ذهاب الطالبات للمدرسة يوم العطلة. كما تمت الاستفادة من مهارات الطالبات والمعلمات التكنولوجية لجعل موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) وسيلة لنشر أعمال الطالبات وطريقة للتواصل معهن باستمرار.
قامت بعض الطالبات الجامعيات بإيجاد نوع من التحفيز عند مشاركتهن بتدريب الطالبات على بعض الأعمال، وتم استضافة مثقفين وأكاديميين وناشطين مجتمعيين لتشجيع وتعريف الطالبات بأهمية النشاطات المختلفة؛ أما مرافق المدرسة، فقد وضعت في خدمة المبادرة- وبخاصة المختبر العلمي، ومختبر الحاسوب، والمكتبة- وكانت مسرحا لتنفيذ أنشطة المبادرة.
شاركت الطالبات بتنفيذ الأنشطة وتجسيد مفهوم المدرسة كفضاء تربوي ثقافي ترفيهي من خلال مجالات متنوعة، مثل: التجريب العلمي، والكتابة الإبداعية، والتعبير بالرسم، وتجسيد الأدوار الدرامية، والأنشطة الرياضية، والأنشطة الترفيهية، والرحلات العلمية والترفيهية. كما قامت الطالبات باستثمار موقع التواصل الإلكتروني لنشر الكتابات الإبداعية، وإجراء التجارب العلمية، ونشر ثقافة العمل بروح الفريق الواحد في المشاريع بين الطالبات.
أما أولياء الامور، فقد عملوا -إلى جانب بعض مؤسسات المجتمع المحلي- على تشجيع الطالبات عند حضور الفعاليات المختلفة، وتقديم الدعم المادي لإخراج أعمال الطالبات الإبداعية في كتيب خاص.
التعاطي مع الصعوبات والتحديات
من أبرز التحديات التي واجهت المبادرة عدم تقبل الطالبات لفكرة الحضور للمدرسة خلال أيام العطلة الرسمية، وعدم موافقة أولياء أمورهن على الحضور والمشاركة بأنشطة يمكن عرضها أمام الجمهور. وقد تم التغلب على هذا التحدي من خلال خطة عمل تحوي أنشطة جاذبة متنوعة تلائم ميول الطالبات واحتياجاتهن العمرية. وتم إطلاع الأهالي على هذه الخطة، وتوعيتهم بأهمية هذه الأنشطة في صقل شخصية الطالبة وتعزيز ثقتها بنفسها وبقدراتها. كذلك، تم دعوة الأهالي لحضور العروض الخاصة ببناتهم خلال الاحتفالات. كما قام مجلس الأمهات بنشر فكرة المبادرة والترويج لها، وتشجيع الأهل على تقبلها ودعمها.
أما التحدي الثاني، فقد تمثل في عدم وجود معلمة متخصصة بمادة الفن. وقد تم التغلب على هذا التحدي بالاستفادة من خبرة وموهبة معلمة الصحة والبيئة، وبالتنسيق مع طالبات جامعيات موهوبات (طالبات المدرسة سابقا) للمشاركة في تدريب الطالبات على التمثيل والكتابة الإبداعية. وكان هناك تحدٍّ ثالث تمثل في غياب الدعم المادي لتجميع كتابات الطالبات الإبداعية، وتم التغلب عليه بتبني جمعية أهلية للكتيب، وبالتنسيق مع البلدية التي شاركت بحضور الأنشطة وتكريم الطالبات.
الاهتمام والحراك الذي أحدثته المبادرة
انعكست نتائج المبادرة إيجابيا على مستوى تحصيل الطالبات، وعلى انتمائهن للمدرسة. وأصبحت الطالبات أكثر تفاعلا مع المادة والمعلمة خلال الحصة الصفية. ومن جانب آخر، أصبحت الإذاعة المدرسية منبراً لنشر إبداعات الطالبات، وسادت في المدرسة حالة من التنافس الإيجابي بينهن، واختفى لديهن حاجز الخوف من مواجهة الجمهور. كما استطاعت المبادرة جذب الطالبات الجامعيات للمدرسة، ويتضح ذلك من خلال تواصلهن المستمر ومشاركتهن بالفعاليات. وانتقلت المدرسة من مبنى مقفل في الإجازات إلى فضاء تربوي ثقافي ترفيهي مفعم بالحياة.