إيمان إبراهيم أحمد ذويب
الدورة الثالثة
"أمهات يساعدن في تحويل المدرسة إلى بيت ثان للطالبات"
أصحاب المبادرة: المرشدة إيمان إبراهيم أحمد ذويب
اسم المدرسة: بنات زعترة الأساسية
مديرية تربية
وصف موجز للمبادرة ودوافعها
تم من خلال المبادرة توفير عدد من الاحتياجات الأساسية للطالبات عن طريق مجلس الأمهات بمساعدة المرشدة والمديرة والهيئة التدريسية والطالبات والمجتمع المحلي وقسم الإرشاد بالتربية. وهذا ما انعكس عليهن إيجابيا في معظم النواحي الحياتية وساعد على النهوض والارتقاء بالعملية التعليمية في المدرسة.
وجاءت فكرة المبادرة من خلال ملاحظة الطالبات في المدرسة ووجود ظروف مادية صعبة لدى نسبة من طالبات المدرسة، بالإضافة لكون معظم أهالي الطالبات عمال ولا يوجد دخل ثابت للأسر مما ينعكس سلبا على الصحة النفسية والجسمية والأكاديمية للطالبات وأيضا البيئة المدرسية؛ فكان لابد من إيجاد حل بسيط يساعد هذه الفئة، ويسهم في تحسين واقع البيئة التربوية والاجتماعية والنفسية في المدرسة، وتم من خلال تفعيل مجلس الأمهات الذي عمل جاهدا على توفير بعض احتياجات الطالبات، مثل: الملابس، والمواد الغذائية، والقرطاسية، والحقائب، وHلزي المدرسي، وكفالة أكاديمية لعدد من الطالبات، ومصروف جيب، ومساعدات مادية، وهدايا العيد، وهدايا التعزيز الأكاديمي لجميع طالبات المدرسة على حد سواء.
جوانب التميز في المبادرة
دعمت المبادرة العلاقة بين المدرسة والأمهات، وعززت الكثير من السلوكيات، ومنها: التعاون واحترام الآخر والتكافل الاجتماعي، وتوفير بيئة أمنة للطالبات؛ مما أدى إلى تحسين الحالة النفسية للطالبات، وساعدهن في التغلب على الخجل والانطواء.
وكمنت القيمة الإبداعية الملهمة لمبادرتي في ثلاث محاور أساسية: أولها تحويل المدرسة إلى بيت ثاني للطالبات بما يتضمنه ذلك من استقرار نفسي واجتماعي وتربوي، وثانيها تنمية بض القيم، وبخاصة التطوع والتعاون، واعتمادها كأساس للتعامل بين الطالبات والأمهات والمعلمات والمديرة والمرشدة ومؤسسات المجتمع المحلي، وثالثها النهوض بالبيئة المدرسية للأفضل من خلال العمل الدؤوب المتكامل من جميع أطراف العملية التعليمية، وتعزيز الحياة الاجتماعية للطلبة من خلال توفير الجو النفسي والصحي والأكاديمي والاقتصادي المناسب.
ومن هنا أصبح التغيير وليد لمجلس الأمهات والمجتمع المحلي؛ فأصبحت الأمهات في البلدة توفر الكثير من الاحتياجات الأساسية للطالبات بمساعدة مجلس الأمهات، ولم تبخل المدرسة عليهن بتوفير الدعم للأمهات؛ فلقد تم عمل فحوص طبية مجانية للأمهات برعاية الإغاثة الطبية بالتنسيق مع المدرسة، وتم التنسيق مع مؤسسة جذور لتوفير فرص عمل لبعض أمهات الطالبات المحتاجات. ومن هنا أصبحت العلاقة بين المدرسة والأمهات علاقة تبادلية تطوعية تعاونية بكافة جوانبها.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
كان لمراعاة المبادرة للصحة النفسية والاجتماعية والعقلية للطالبات تأثيرا إيجابيات على الطالبات، فقد أصبحن أكثر ثقة بأنفسهن، وأكثر دافعية واندماجا في البيئة المدرسية، ومشاركة في أنشطتها المختلفة، وانخفض معدل الغياب لبعض الطالبات، وكذلك انخفضت مشكلاتهن السلوكية.
أما بخصوص الأهالي، فقد تم تفعيل مجلس الأمهات والأهالي بعامة، وتم دمج الأهل بالمدرسة من خلال تفعيل دورهم وإشراكهم في الاجتماعات وورشات العمل داخل المدرسة وخارجها بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي. وقامت المدرسة بالتنسيق مع مؤسسة جذور لتبني مقصف المدرسة، وتفعيل المركز النسوي في البلدة. وأصبحت المدرسة مصدر دخل لبعض الأمهات من خلال إتاحة المجال لهن للعمل في مقصف المدرسة بمساعدة مؤسسة جذور، وأيضا مصدر خدمات من خلال توفير بعض الفحوص الطبية للأمهات على نحو مجاني عن طريق الإغاثة الطبية.
العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة
كان لتفعيل شراكة المدرسة مع مؤسسات المجتمع المحلي، وبخاصة الشراكة مع مؤسسة جذور، دورا بارزا في إنجاز هذه المبادرة. وكان أفضل مثال على هذه الشاركة تبنى المؤسسة لمقصف المدرسة وتحويله إلى مقصف صحي، وتشغيل عدد من الأمهات المحتاجات فيه؛ مما وفر دخلا بسيطا لبعض الأسر ذات الدخل المتدن.
ومما يثير الإعجاب بالمبادرة تمحورها حول مساعدة الآخرين بأبسط الأشياء المادية والمعنوية التي نمتلكها، وتأكيدها على كون كل فرد قادر على تقديم المساعدة بغض النظر عن طبيعتها وحجمها، فمثلا قامت بعض الأمهات بتدريس بعض الطالبات مجانيا، وهذا شيء غير مكلف. وأخذت مجموعة من المعلمات على عاتقها إعطاء حصص إضافية لمساعدة الطالبات ذوات التحصيل المتدن. وبادرت مجموعة من الطالبات، ضمن مبادرة "المعلمة الصغيرة"، بمساعدة زميلاتهن أكاديميا، ومد يد العون لهن في حل واجباتهن في موضوعات اللغة العربية واللغة الانجليزية والرياضيات.
وساعد في نجاح المبادرة تمركزها حول دعم الصحة النفسية والاجتماعية والعقلية والجسدية للطالبات، وتأثيرها الشمولي على الحياة المدرسية بكافة جوانبها، فضلا عن اعتمادها على الأنشطة الترفيهية كمدخل لتحقيق الكثير من الأهداف، وتنوع الفعاليات والأنشطة المدرسية التي تضمنتها خطة المبادرة، حيث اشتملت على فعاليات الإذاعة المدرسية، والمسابقات، والأنشطة الترفيهية، والإفطارات الجماعية، والعروض المسرحية، ورواية القصة، والرحلات.
لم تقف حدود المبادرة عند الدعم النفسي للطالبات؛ بل تم دعم الأهالي وتشجيعهم وتعاونهم وتفعيل مشاركتهم في الحياة المدرسية. وفي هذا المجال، أذكر أن مجلس الأمهات شكل أهم مورد بشري في المبادرة، حيث كانت الأمهات توفر الملابس والأغذية والمصروف اليومي ومصاريف الدورات وهدايا التعزيز للطالبات المحتاجات.
التعاطي مع التحديات والصعوبات
اعترضت المبادرة عدة تحديات، منها: التحدي الأول تمثل في صعوبة الوصول لبعض أهالي الطالبات، وبخاصة البدو، لذلك لجأنا إلى مجلس الأمهات للمساعدة في تجاوز ذلك. أما التحدي الثاني، فقد نبع من عدم تقبل بعض الطالبات للملابس والوجبات الغذائية والمصروف اليومي التي قدمت لهن كمساعدة رغم حاجتهن، وتم التعامل مع هذا التحدي من خلال إقناع هؤلاء الطالبات أن هذه الأشياء هي هدايا أو مكافأة لهن وليس مساعدة. وبرز التحدي الثالث عندما تخلت بعض المعلمات عن التزامهن بدعم الطالبات ذوات التحصيل المتدن أكاديميا، وتقاعس بعض الأمهات عن إعداد الوجبات الغذائية للطالبات؛ مما دفعنا إلى توفير معلمة خاصة بدلا من بعض معلمات المدرسة، والاستعانة بسيدات للعمل في المقصف المدرسي مقابل أجر.
الاهتمام والحراك الذي أحدثته المبادرة
عندما تم عرض فكرة المبادرة على المديرة والهيئة التدريسية وقسم الإرشاد بالتربية لاقت الكثير من القبول الدعم، وعندما عرضت على مجلس الأمهات والمجتمع المحلي لاقت أيضا التشجيع والدعم. إذ وجدت الأمهات في الفكرة تغييرا جوهريا ساعد مجلس الأمهات في تجاوز دوره التقليدي ليصبح عنصر فاعل ومهم في المدرسة والمجتمع المحلي.
وأثارت المبادرة حراكا في المجتمع وعززت الشعور بالانتماء؛ فشعرت الأمهات بأن المدرسة بيتهن الثاني، وتفاعلن بإيجابية مع احتياجات الطالبات، وقامت مؤسسة جذور والنادي النسوي في البلدة بتبني المقصف لتوفير وجبات غذائية صحية من صنع الأمهات.