مدرسة فلسطين الأساسية
الدورة الأولى
"الدعم التعليمي و سنابل الخير"
· تأسست عام 1999 في دورا . مديرية:جنوب الخليل.
** تضم صفوف المرحلة الأساسية من الأول حتى السادس.
· مديرة المدرسة:سائدة عطا الله.
· عدد الطلبة: 324 طالبا وطالبة.
· الهيئة التدريسية : 14 معلمة .
· تحوي المدرسة 10 شعب ومرافق تطويرية.
وصف موجز للمبادرة ومبرراتها
هناك وعلى مرأى من معلميه، يجلس في مقعده مندهشاً من المعلم والطلبة، والدهشة الكبرى من تلك الحقيبة المكتظة بالكتب التي لا يمكنه التعامل معها، فنجده مهمشاً من معلميه ومحط سخرية الزملاء؛ وبين هذا وذاك لم يكن يجد ما يفعله سوى وضع رأسه على المقعد أو يرفع إصبعه هارباً خارج الصف ليلهو قليلاً.
من هنا جاءت فكرة الدمج، ومن أجل ذلك الطالب كانت مبادرتنا، وخاصة لأن توجه التربية الحديث يعمل على تعديل البيئة المدرسية لتلائم جميع الطلاب بدلا من العمل على تهيئة الطالب، وذلك بإنشاء مدارس خاصة لفئات معينة من الطلاب. لذا عملنا جاهدين على أن يتواصل هذا الطالب مع من حوله؛ فكانت مبادرتنا متمثلة في صف "سنابل الخير" (غرفة المصادر) في مدرسة فلسطين بتكليف من وزارة التربية والتعليم، لنثبت بالعزم والتصميم إمكانية تحقيق نتائج مرضية في هذا المجال.
وكمعلمة ساعية لإنصاف فئة تفتقد الكثير ؛ فقد عملت جهدي لتقديم الدعم لهذه الفئة من الطلبة (فاقدي الاتصال والتواصل مع المعلم في الصف العادي) في مادتي اللغة العربية والرياضيات ضمن برنامج صممناه بالتنسيق مع الإدارة المدرسية، حيث يتلقى الطالب تعليماً أكاديمياً ضمن خطة منظمة أعددناها اعتماداً على ما كشفت عنه الاختبارات التشخيصية من نقاط قوة وضعف لدى كل طالب على حدة، ويتم تعليم الطلبة في هذا الصف ضمن مجموعات صغيرة أو بشكل فردي.
بدأ فجر صف سنابل الخير بالبزوغ عام 2005، نتيجة لتوقيع أول مذكرة تعاون بين وزارة التربية والتعليم العالي، والمؤسسة السويدية للإغاثة الفردية (سوار) حيث تم إنشاء مشروع الدعم التعليمي ممثلاً بمركز المصادر الفلسطيني، الذي انبثق عنه مشروع غرف المصادر.
وحظي صف سنابل الخير بالتقدير من الكثيرين (معلمين، إداريين، وأولياء أمور)، حيث كنا السباقين وعلى مستوى الوزارة لاحتضان طلبة من ذوي الإعاقات الذهنية بلغ عددهم عشرة طلاب من أصل أربعة وعشرين طالباً وطالبة، حيث حققنا نجاحاً جيداً معهم.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
عززت مبادرتنا ثقة الطلبة بأنفسهم، واحترامهم لذاتهم، وحفزتهم على الانخراط في الحياة المدرسية وتقليد السلوكيات الإيجابية لدى أقرانهم العاديين؛ ورويداً رويداً أصبح هؤلاء الطلبة أفراداً لا فرق بينهم وبين المحيطين بهم في الصف العادي، والساحة، والمناسبات، والاحتفالات، والتكريم والنشاطات، ولا أبالغ إن قلت في لعب أدوار قيادية بسيطة في طابور الصباح، كما غيرت من سلوكيات الطلبة العاديين تجاه الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة؛ حيث تكوّن لديهم وعيٌ خاص بوضعهم الصحي، والنفسي، والاجتماعي، نتيجة لتضافر جهود الذين عملوا على توفير بيئة تعليمية تربوية تناسب جميع المستويات في الصف مستفيدين بذلك من الأساليب التعليمية المستخدمة في غرفة المصادر فأصبح دور المعلم في الصف العادي مكملاً لدوري.
كما شجعت مبادرتي هذه المعلم على الإبداع والابتكار والتخلص من العنف المستخدم، فأصبح المعلم مدركا لحاجات الطلبة محترما لها، إيماناً منه بأن هذه الفئة من الطلبة ليست سوى كتلة من المشاعر والأحاسيس المرهفة التي تستجيب وتتغذى بالعاطفة والحنان وتخدش بأشواك اللامبالاة والقوة.
وكشفت مبادرتنا عن المخاوف الكامنة عند الأهل تجاه أبنائهم، وساعدتهم على تخطيها من خلال إشراكهم في وضع الخطة السنوية لأبنائهم وخطط تعديل السلوك، وإشراكهم في دورات تدريبية في المدرسة للتعرف على وضع أبنائهم ومشكلاتهم وكيفية التعامل معهم. وبالنسبة للمجتمع المحلي؛ فقد سعى إلى تطوير الخدمات المقدمة لهذه الفئة حيث ساهم في توسيع البناء المدرسي لتوفير صف أكبر يخدم هذه الفئة من الطلبة، ونادى باحتضان طلبة آخرين في صف "سنابل الخير".
عوامل النجاح في المبادرة
كثيراً ما وجدت أن حاجات الطلبة تشكل أكبر حافزٍ على الإبداع والابتكار؛ لذلك صممت اختبارات تشخيصية خاصة بهم، واشتركت في دورة التشخيص في التعليم لدعم طلبة آخرين، واستخدمت تعديل السلوك مع الطلبة في صف "سنابل الخير"، إيماناً مني أن الطالب يجب أن يتطور بشكل كامل (نفسياً، اجتماعياً، سلوكياً، تربوياً، وأكاديمياً)، وبدأت بإعداد وإنجاز أوراق عمل منظمة وهادفة تخدم حاجات الطلبة من ذوي الإعاقات الذهنية.
حققت مبادرتي هذه فكرة الدمج للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة تمهيداً للدمج الاجتماعي بعد أن كانت فكرة الدمج حلماً يراود أذهان الكثيرين، كما أصبح صف "سنابل الخير" عنواناً واضحاً لكل من له علاقة بالطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، ولاسيما بعد أن حقق هذا الطالب تطوراً واضحاً في مجال السلوكيات والتعليم الأكاديمي، دون أن يترك أثراً سلبياً يذكر على الطلبة أو يترك آثاراً سلبية في المدرسة.
ولعبت جهود الزملاء والأهالي والمسؤولين دورا مهما في نجاح المبادرة، لذلك لا يسعنا إلا أن نشيد بكل من تعهد هذه المبادرة بالاهتمام حتى نمت وكبرت وآتت أكلها، ابتداءً من الهيئة التدريسية والإدارية في المدرسة، والأهل الذين ساعدونا وقدموا العون لنا ،فكانوا سر نجاحنا ،والمجتمع المحلي بشكل عام حيث تقبلوا الفكرة؛ ولا ننسى دور منسق التعليم الجامع في مديرية جنوب الخليل الذي هيَّأ لنا المدرسة الأم، مدرسة فلسطين الأساسية، لتحتضن هذا المشروع. كما أننا لا ننسى دور الأستاذ والمشرف الداعم من المؤسسة السويدية، حيث كان- ولا يزال- البلسم الشافي للصعاب التي واجهتنا.
التعاطي مع التحديات والصعوبات
مما لا شك فيه أن الإنجازات لا تتحقق بسهولة ويسر، وإنما تحتاج إلى جهد وعمل متواصل ؛ وكما هو الحال في أي مشروع ، فقد واجهتني صعوبات جمة في بداية عملي مع هذه الفئة، ولعل النظرة السلبية تجاه المشروع من قبل المعلمين والمجتمع المحلي دفعتني إلى إشراك المعلمين في هذا البرنامج من خلال تبادل زيارات المعلمين بشكل مكثف لصف "سنابل الخير"، وإشراكهم في رصد نقاط القوة والضعف من خلال تطبيق الاختبارات التشخيصية المعدة؛ وأكثر ما ساعدني في تخطي هذه المرحلة تواجدي المستمر مع الطلبة ذوي الإعاقات الذهنية في الصف العادي متى كانت الضرورة ملحة، واستخدمت اللقاءات الدورية مع الأهل والحديث معهم عن غرف المصادر وأهدافها، وآلية العمل فيها وتطلعاتهم لوضع أبنائهم فيها من أجل كسر الحاجز بيني وبين الأهل فأصبحوا بعد ذلك اليد الداعمة والمتعاونة معي دوماً.
وكان من الصعوبات عدم وجود اختبارات تشخيصية مبنية على خبرات سابقة ومعمول بها لتخدم الفئة الموجودة في صف "سنابل الخير" وتكشف عن مستوى الأداء الحالي، وهذا ما دفعني لإعداد اختبارات تشخيصية تناسب احتياجات طلبتي وتحدد مستوى أدائهم الحالي، واستشارة المشرفين التربويين في القضايا التعليمية للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال.
تطلعات مستقبلية
آمل تعميم مبادرتي بعد تطويرها، وأن تكون نموذجاً يمكن أن يستفاد منه ويحتذى في جميع مدارسنا، لأنها تخدم الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة. فهم كثر ومهمشون في مدارسنا، ويتجاهلهم معلم الصف العادي؛ وذلك من خلال زيادة عدد غرف المصادر في المدارس الحكومية والتوسع بشكل رأسي في هذا المشروع ليشمل صفوفاً أعلى من الرابع الأساسي، وتوفير مشاغل ومراكز تأهيل مهني يستفيد منها الطلبة، وتأهيل معلمات الصف الأول الأساسي وتدريبهن من أجل تطبيق ونقل الأسلوب التعليمي المتبع في صف سنابل الخير (تحليل المهمات) للطلبة في الصف الأول الأساسي،هذا ما أراه لتطوير مبادرتنا حتى يمكن الاستفادة منها بشكل واسع.
المبادرة كما رآها آخرون
|