تغريد محمد الصوص
الدورة الأولى
"الاستقصاء الجماعي... تجربة تعلمية محورها الطالب"
المهنة: معلمة -مدرسة ذكور الرازي الأساسية
المؤهلات الأكاديمية والمهنية:
· دبلوم علوم عامة، ودورات تدريبية.
أبرز الأنشطة التربوية والمجتمعية:
· تعليم العلوم، والتنسيق لمشروع المواطنة، والتدريب على مفاهيم التعليم الجامع للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة.
وصف موجز للمبادرة ومبرراتها
بدأت فكرة المبادرة العام الدراسي 2004/2005 ضمن مشروع المواطنة الذي نفذته وزارة التربية والتعليم العالي، ومركز إبداع المعلم، حيث ركز المشروع على مهارة حل المشكلات من خلال التعامل مع القضايا والشؤون الحقيقية للمجتمع، وعلى تعليم الطلبة في مراحل التعليم الأساسي ليراقبوا السياسات العامة ويؤثروا فيها، وليكون التعلم ذا معنى تم توظيف أسلوب الاستقصاء الجماعي "حل المشكلات" لتحديد بعض المشكلات التي يواجهها المجتمع المحلي.
تم التدريب على الاستقصاء الجماعي كأسلوب تعلمي متمركز حول المتعلم لأنه قائم على جهد مشترك ومنظم تنفذه مجموعة تعليمية لتحقيق أهداف مخطط لها مسبقاً من قبل المعلم والمتعلم، وهو طريقة تعلم ترتكز على حل المشكلات وبناء المعرفة، كما أنها تثير الدافعية لدى المتعلم لتوظيف ما تعلمه في المواقف الحياتية المختلفة، وكلها مرتكزات راعتها المبادرة، إذ اقترحت الطالبات بعض المشكلات ومن ثم تحديد مشكلة البحث وهي "تلوث المياه"، وعادت الطالبات للقوانين والدستور، فبحثن عن نصوص قانونية يستندن إليها في طرح المشكلة، وبحثن عن مدى كفايتها، وفاعليتها واقترحن سياسات بديلة وناقشن السياسات البديلة، واخترن واحدة ارتأين أنها المناسبة وقمن بوضع خطة عمل.
قامت الطالبات بتنفيذ العديد من الأنشطة التي تدعم حل المشكلة، فقمن بصياغة الفرضيات واستقصاء أسباب التلوث في المنطقة، وبعد ذلك اقترحن حلولا عدة للتعامل مع المشكلة؛ وتم اختيار أفضل الحلول الممكنة. وقد وَصلت الطالبات لمرحلة ترجمة الجانب النظري إلى عملي من خلال تنفيذ الحل ؛ فقمن بتوزيع النشرات لأهالي المنطقة، ونفذن حملات توعية للأهالي في المدرسة وبالتعاون مع أطباء ومهندسين، ومجموعة الهيدرولوجيين لتوضيح شرح طريقة كلورة البئر، ووزعن – بالتعاون- مع البلدية والمجلس القروي أقراص كلورين على الأهالي، ثم عرضن أعمالهن، وكان التقويم والتأمل وتقييم الطلبة الذاتي وتقديم التغذية الراجعة لبعضهن آخر المسيرة.
وكان دور المعلم في الاستقصاء الجماعي متعدد الأوجه وبما يخرجه عن دوره التقليدي من المصدر الأوحد للمعرفة إلى دور المساعد والموجه والداعم والمساند لعملية التعلم ،والمراقب للعمليات الاجتماعية ولعمل الطلبة؛ فهو يشجع الطلبة على طرح الأسئلة، وينظم وقت عمل المجموعات، ويقوّم العملية التعليمية ويساعد الطلبة في تقويم أعمالهم، لذا وفرّت جميع الأدوات اللازمة للطالبات دون أن أوضح الخطوات، ثم قمت بطرح سؤال يثير التفكير لتقوم الطالبات بالتجريب والاستقصاء من خلال الأدوات المتوافرة مع إفساح المجال لهن للتفكير واستخدام ما يرينه مناسبا من الأدوات، وفي النهاية توصلت الطالبات بأنفسهن إلى مفاهيم وحقائق واستنتاجات وتعميمات؛ والجدير بالذكر أنه تم استخدام حقيبة العلوم التعليمية وتفعيلها من المختبر لخدمة المبادرة.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
أكسبت المبادرة الطالبات مهارات عدة، منها: التخطيط، والاستقصاء، والقيادة، واتخاذ القرار، وحل المشكلات، والاتصال والتواصل، وساهمت في ربط الطالبة بقضايا مجتمعها، وفي تنمية مهارات البحث العلمي، وتنمية الإبداع والابتكار عندهن؛ فرسمن، وكتبن شعرا؛ وهي مهارات لا يمكن أن يكتشفها المعلم في الحصة العادية كما نمّى الاستقصاء الجماعي مهارة طرح الأسئلة من خلال الممارسة العملية.
وكان للمبادرة أثر واضح في تنمية روح المواطنة الصالحة لدى الطالبة في المدرسة والمجتمع من خلال ربط التعلم بالفئات الأخرى من المجتمع من أولياء أمور، وصحة، وبلدية، ومؤسسات محلية ووطنية...وغيرها كمصدر هام لبناء المعرفة.
ولهذا الأسلوب تأثيره على المعلم حيث يكتسب أساليب تدريس واستراتيجيات ومهارات جديدة، كما أنه يشجعه على تنويع الأنشطة الصفية، وتلك المساندة للمنهاج، مع مراعاة الفروق الفردية وإثارة الدافعية عند الطالب وزيادة رغبته في التعلم مما ينعكس على حب المادة.
عوامل النجاح في المبادرة
تمثل المبادرة أنموذجا لما يمكن أن يحققه تغيير أساليب التعليم التقليدية وجعل الطالب مسؤولا عن تعلمه، وقد ساعد في نجاحها أنها أحدثت حراكا لا بأس به، فشجعها أولياء الأمور ، والمجتمع المحلي وساندوها، ولقيت إعجابا وتقديرا من إدارة المدرسة، وطاقم المشرفين في مديرية التربية والتعليم.
إن تفاعل الطلبة مع المبادرة يؤكد بما لا يقبل الشك مدى عمق أثر أساليب التعليم غير التقليدية، بما تحمله من تحفيز وتشويق، ومحورة عملية التعلم حول الطلبة أنفسهم؛ فهم يتعلمون من خلال العمل، فيكتشفون، ويجربون، ويستنهضون الكامن من قدراتهم بشكل إيجابي، وهذا ما وفرته مبادرتنا عبر مراحل العمل كافة.
التعاطي مع التحديات والصعوبات
واجهتنا بعض الصعوبات في تنفيذ المبادرة من حيث ضيق الوقت، وصعوبة التحكم في عمل المجموعات وضبطه خارج الصف، فوضعنا برنامجا زمنيا لتسهيل عمل المجموعات ومتابعته مع التعزيز المستمر، واستثمرنا الإمكانيات المتوافرة من المال قدر الإمكان وتوفير ما يمكن، وتم التعامل مع الصراعات الناجمة عن الفهم الخاطئ للمنافسة عند البعض والتعبير عن ذلك بطرق غير سليمة، من خلال توجيه بعض السلوكيات غير المرغوب فيها وتوضيح أن أساس العمل التعاوني هو المحبة والأخوّة، وعدم جرح الآخر واحترام الآراء وتقبلها.
تطلعات مستقبلية
نظرا للفائدة القصوى التي يمكن أن يعود بها أسلوب التعلم عن طريق الاستقصاء على المتعلم، فإنني أتطلع إلى اعتماده من قبل جميع معلمي الموضوعات الدراسية المختلفة في المدرسة، حتى تتكامل جهود المعلمين، وهذا الأمر يتطلب من المسؤولين عن تأهيل المعلمين اعتماد هذا الأسلوب وتدريب المعلمين عليه.
المبادرة كما رآها آخرون
|