فلسطين محمد يوسف دية
الدورة الأولى
"للقصص والحكايات مكان في تدريس الرياضيات"
المهنة: معلمة -مدرسة بنات الظاهرية الثانوية مديرية: جنوب الخليل
المؤهلات الأكاديمية والمهنية:
· بكالوريوس - أساليب تدريس الرياضيات.
· دورات تدريبية.
أبرز الأنشطة التربوية والمجتمعية:
· تدريس الرياضيات لصفوف مختلفة، وعضوية لجنة مبحث لمادة الرياضيات في جنوب الخليل، ومدربة لمادة الرياضيات صف عاشر.
عضو بلدية الظاهرية منذ 2004، منسقة لجنة إدارة مركز فوزي باشا الثقافي.
وصف موجز للمبادرة ومبرراتها
فاجأني التوجه السلبي للطالبات حيال مبحث الرياضيات والذي لمسته خلال الأعوام الممتدة من عام 1998 -أي من بداية عملي في مدرسة الأندلس الأساسية- إلى عام 2003 حين بدأت عملي في مدرسة بنات دوما الثانوية،فكان نفورهن الواضح من هذه المادة، سببا في تدني المستوى التحصيلي في هذه المادة؛وباحت لي طالباتي بأن الرياضيات مادة جامدة راكدة ومثقلة لأذهانهن ولحقائبهن أيضا، وما زلت ما قالته إحدى طالباتي: "إنه حتى النكتة في حصة الرياضيات لا تفهمها ولا تسمعها إلا رموزا وطلاسم".
وهنا أعملت فكري، وزاوجت بين موهبتي في الكتابة والسرد القصصي، ورغبتي الحقة في تغيير الاتجاهات السلبية الخاطئة ورفع مستوى التحصيل قدر الإمكان؛ لتصبح المدرسة من خلال حصة الرياضيات عالما آخر للطالبة تحقق فيه ذاتها بما يرضي حاجاتها ورغباتها وميولها، وتجد فيه فرصة لاستخراج الكامن من قدراتها بالتوازي مع النظريات التربوية المتمحورة حول الطالب وما تتضمنه من أهمية التسلسل في عرض المفهوم من المحسوس إلى المجرد بما يناسب المرحلة العمرية؛ لذا عمدت خلال العام 2003/2004 إلى تحويل معظم دروس مادة الرياضيات للصفين السادس والسابع الأساسي في وحدتي الجبر والهندسة إلى قصص وأناشيد أؤلفها وأسردها بطريقتي المشوقة للطالبات، بعد تقديم المفهوم الرياضي بلغة علمية سليمة؛وكنت أغير نبرة صوتي حسب الموقف والشخصية المتقمصة، وأقوم بإعداد بعض الملابس البسيطة الخاصة بشخوص القصة، مكونة من الورق المقوى وبعض الأقمشة؛وبالتالي أدعم المعلومة وفكرة الدرس بالقصة، لأضمن أطول فترة لدوام أثر التعلم في أذهان الطالبات.
وكان دافعي الأساسي في مبادرتي هذه مديرة مدرسة بنات دوما الثانوية التي سمحت لي باستثمار قرطاسية المدرسة لما يلزمني؛ ودعمتني معنويا بحديثها المتكرر في الاجتماعات عن أسلوبي الجديد في التدريس، ودعوتها معلمات المدارس الأخرى لحضور حصص عندي لما لمسته من تحول إيجابي لدى الطالبات تجاه مادة الرياضيات وزيادة تحصيلهن فيها، وزيادة دافعيتهن وشحذ فضولهن بشكل دائم حول موضوع الدرس الجديد؛ وذلك من خلال تحويلهن غرفة الصف إلى بيئة تعلمية مريحة للطالبات زاخرة بالشخوص المحببة عندهن، والمستمدة من القصص المسرودة حول الدروس واللاتي عملن بأنفسهن على إعدادها وتعليقها في غرفة الصف.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
ساهمت مبادرتي هذه في إيجاد عملية تعلم محفزة ومشّوقة، بعيدة عن النمط التقليدي، وعززت الاتجاهات الإيجابية والقيم والعلاقات والاتصال والتواصل السليم بين مختلف أطراف العلاقة في المدرسة، ووفرت جوا ومناخا داعمين للعملية التربوية الراعية لنمو الأطفال وتنشئتهم.
وساعد دمج القصة في التعلم والتعليم في تعزيز الذات عند الطالبة وتحقيقها، من خلال المشاركة في التمثيل والتأليف والإنشاد والرسم وتجسيم بعض الشخصيات الواردة في القصص؛ وبذلك راعى هذا الأسلوب الفروق الفردية والتكوين الفريد لكل طالب على حدة.
وقامت الطالبات بتحويل غرفة الصف إلى عالم رياضيات يضج حركة وعملا، تحت شعار "معا نحول الرياضيات إلى فن"؛ الأمر الذي جعل التعلم نشاطا أكثر تشويقا وتحفيزا وارتباطا ببيئتهن الحياتية اليومية من خلال وجود بيئة تعلمية ثرية في محيط صفهن، بالإضافة إلى تشجيع الطالبات على الانخراط الإيجابي في البيئة المدرسية والمدارس المحيطة من خلال مشاركتهن في نشاطات خاصة بهن حول مادة الرياضيات، مثل تمثيل مسرحية عن الأشكال الرباعية؛ الأمر الذي يدعم التواصل السليم والمثري مع الطلبة الآخرين.
وكان دور أولياء الأمور فاعلا لدرجة مساعدتي في التحضير لبعض الملابس الخاصة، و توفير ما يلزم أحيانا للعمل من خلال بناتهم في المدرسة؛ وليس هذا فحسب بل إن إحدى الأمهات رجتنا أن نتيح لها حضور حصص الرياضيات مع ابنتها لمحو أميتها في الرياضيات، على حد تعبيرها.
عوامل النجاح في المبادرة
ومن باب تكاملية التعليم، استثمرت موهبتي الكتابية ومهارتي في التحدث باللغة الفصيحة في تشجيع الإبداع التعبيري لدى الطالبات اللائي أنتجن خلال فترة التنفيذ مجموعة من القصص المتعلقة بمادة الرياضيات بلغتهن الخاصة، دلت على تطور في مقدرتهن على التعبير بوجه خاص، وهو ما أيدته معلمات اللغة العربية، ونشرت بعض المجلات المحلية النتاجات القصصية للطالبات.
وكان هذا الإنجاز موازيا لتقدم ملحوظ في نسبة التحصيل في مادة الرياضيات؛ وفي دافعية الطالبات وإقبالهن على مادة الرياضيات بنهم طفولي رائع، عزز ذاتي ودفعني قدما نحو الاستمرار
.
التعاطي مع التحديات والصعوبات
كان إدخال أسلوب جديد على الطالبات إحدى التحديات التي واجهتني بداية تنفيذي للتجربة، حيث أدى هذا إلى تشتت انتباه الطالبات، فكنّ ينتبهن إلى الرسومات والملابس المعدة للقصة، ولا ينتبهن للمعنى المراد؛إلا أن الاستمرار في هذا الأسلوب مع إعادة تنظيم التخطيط للحصة بشكل أكثر فاعلية، ومراعاة عدم وجود مشتتات في ذات الشخصيات المعروضة، والتركيز في القصة على المفهوم العلمي الرياضي بشكل أكبر، أدت كلها إلى تحقق الهدف المرجوّ من القصة أثناء الحصص؛ وأشركت المرشدة التربوية في المدرسة للتوعية حول الأسلوب المتبع وحول مادة الرياضيات بوجه عام.
العقبة الثانية التي واجهتني أثناء التنفيذ هي الوقت المقرر للحصة الدراسية وكذلك للمنهاج المدرسي؛حيث أن سرد القصة كان يأخذ وقتا من الحصة على حساب التقويم الختامي أو التكويني لاستيعاب المفهوم الرياضي، الأمر الذي أخرني في خطتي الفصلية المرسومة؛ ولذلك قررت إعادة ترتيب أموري بحيث أعمل على إعداد ما يلزمني للدرس خارج نطاق الحصة من ملابس وتدريب، كما ولّد هذا عندي مهارة إدارة الحصة بشكل أفضل.
تطلعات مستقبلية
أتطلع من خلال تجربتي هذه إلى تعميم روح هذه المبادرة وتطبيقها على المواد الدراسية التي يتلقاها الطالب سواء أكانت رياضيات، أم مواد علمية ، أم لغات؛ و إلى أن تصبح مبادرتي جزءا مساعدا وملهما للمعلمين في جميع أماكنهم، من خلال جمع القصص والأناشيد المؤلفة في كتاب خاص بالمعلم يستفيد منه بالطريقة التي يراها مناسبة؛ وحتى أضمن أفضل النتائج من تعميمها، لا بد من لقاءات توعية للمعلمين حول هذا الأسلوب القصصي وأهميته في تدريس الرياضيات وآليات التعامل معه من خلال تجربتي الذاتية فيه، كما أطمح إلى أن يمتد هذا الأسلوب ليخدم المرحلة الأساسية الدنيا لحاجتها لهذا الأسلوب الحسي بما يناسب حاجات الطلبة وميولهم المختلفة، من خلال تحويل الدروس إلى قصص محببة للطلبة.
المبادرة كما رآها آخرون
|