رجاء محمد دراغمة
الدورة الأولى
"التنوع الحيوي والتعلم بريادية وأصالة"
المهنة: معلمة - مدرسة بنات طوباس الأساسية مديرية: طوباس
المؤهلات الأكاديمية والمهنية:
· بكالوريوس أساليب علوم.
· دورات تربوية: الاتصال والتواصل، والحاسوب، والقياس والتقويم.
أبرز الأنشطة التربوية والمجتمعية:
· تعليم مباحث علمية.
· مسؤولة الكشافة في المدرسة.
وصف المبادرة ومبرراتها
اشتركت مدرستي "بنات طوباس الأساسية" في مشروع التنوع الحيوي الزراعي بتكليف من مديرية التربية والتعليم ورعاية مركز إبداع المعلم، حيث اشتركت في المشروع أربعون مدرسة موزعة على ثلاث مديريات، وتمثلت فكرة مبادرتي في اختيار أبرز مشكلة زراعية تعاني منها محافظة طوباس- بوجه خاص- وجميع المحافظات الفلسطينية بوجه عام، ودراسة أثر تلك المشكلة، والعمل على إيجاد حلول لها.
رأيت مبادرتي فرصة لزيادة وعي الطالبات بالبيئة المحلية ومشكلاتها، وربط التعلم بحاجاتهن وحاجات المجتمع وجعله ذا معنى لهن، وتمكين الطالبات وتعزيز مشاركتهن المسؤولة والفعالة في حل بعض هذه المشكلات، أما اختياري لمشكلة فقدان البذور البلدية للخضروات بالذات، وليس للفاكهة أو الحبوب، فهو مرتبط بكون 95% من الخضروات التي تزرع في طوباس هي من البذور المحسنة "المهجنة"، و5% من الخضروات هي من البذور البلدية فقط، وتعد هذه المشكلة بالغة الخطورة لأن فقدان الكثير من البذور البلدية يؤدي إلى إحداث خلل في النظام البيئي الفلسطيني، كما أن انقراض هذه البذور يؤدي إلى زيادة تبعيتنا لشركات البذور المهجنة الإسرائيلية والأجنبية والتي عمدت بدورها إلى إخفاء تلك البذور، وحرماننا من الاستقلال الغذائي المنشود.
ولإيجاد حلول لتلك المشكلة؛ وزعت طالبات إحدى شعب الصف السابع على أربع مجموعات وقمت بتوزيع المهمات عليهن، وبتنظيم حملة توعية بين أفراد المجتمع المحلي ركزت فيها على أهمية البذور البلدية وخطورة انقراضها، وضرورة العودة إلى زراعتها من خلال إلقاء كلمات في الإذاعة الصباحية من قبل الطالبات، وعقد ندوات ومحاضرات من قبل مختصين في الزراعة في المدرسة تتحدث عن البذور البلدية، وقامت الطالبات بإجراء مقابلات مع المزارعين لدراسة ترك المزارعين للبذور البلدية والأسباب الكامنة خلف ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، اشتريت بذورا بلدية لبعض الخضروات، ووزعت جزءا منها على طالبات يملكن حدائق منزلية، والباقي على زميلاتي المعلمات ووالدي الذي أعطيته قسما منها ليزرعها في حديقتنا، وكلفت بعض الطالبات بإعداد رسوم كاريكتورية معبرة عن المشكلة، تبين الحلول الواجب اتباعها لحماية تلك البذور، وتم رفع كتب توصية إلى وزارة الزراعة لمناشدتها بضرورة إنشاء بنك للبذور البلدية لحمايتها وصونها من خطر الانقراض؛ باعتبارها ثروة وطنية حيث يقع الجزء الأكبر من المسؤولية على عاتق وزارة الزراعة لتعمل على حفظها.
أثر المبادرة على المجتمع المدرسي
اكتسبت الطالبات أثناء تنفيذ المبادرة خبرات ومهارات كثيرة، مثل: تحمل المسؤولية، والاعتماد على النفس، والجرأة، والعمل بروح الفريق الواحد، وتعرف كيفية تحديد المستويات الحكومية، والهيئات المنوط بها التعامل مع المشكلة، بالإضافة إلى تقديرهن لثروات وطننا الحبيب، وتعزيز روح الانتماء للوطن.واكتشفت،- من خلال مبادرتي -، قدرات كامنة جبارة في الطالبات، لم تكن لترى النور لولا هذه الفرصة الفريدة، وانعكس هذا إيجابيا على الصحة النفسية للطالبات ، وعلى ثقتهن بأنفسهن وبقدرتهن على التأثير والمشاركة الفاعلة في حل بعض المشكلات التي يعاني منها المجتمع.
ووفرت المبادرة للطالبات فرصة للتعلم النشط والتعلم من خلال العمل بأسلوب مشوق ومحفز، فبحثن، وقرأن، واكتشفن، واتخذن القرارات التي تتناسب وحاجة العمل في المبادرة. وساهمت المبادرة في توعية الطالبات حول أهمية النظام البيئي الفلسطيني، وأتاحت المجال لهن للمشاركة في حفظ الأصول الوراثية للنبات، من خلال زراعة تلك البذور في حدائقهن المنزلية بمساعدة أولياء الأمور، وقيامهن بإقناع كثير من المزارعين بضرورة العودة إلى زراعة البذور البلدية وبيان خطورة فقدانها وسلبيات البذور المهجنة.
عوامل النجاح في المبادرة
من العوامل التي أسهمت في نجاح المبادرة تمكنها من توعية الطالبات والمجتمع المحلي حول مشكلة بالغة الخطورة، والتركيز على ضرورة عودة المزارعين إلى زراعة البذور البلدية؛ لما تمتاز به من كونها صحية خالية من المواد الكيماوية، وذات نكهة وطعم مميزين، وقدرتها على التأقلم مع أنواع التربة المختلفة في فلسطين؛ وكل هذا غير متوافر في البذور المهجنة.
وساعدت وزارة الزراعة في تقديم المشورة والكثير من المعلومات والإحصائيات التي أعطت صورة عن أهمية المبادرة وضرورتها، وساهم أولياء الأمور في تقديم الخبرة ومساعدة الطالبات وتدريبهن على كيفية زراعة الخضروات البلدية والاعتناء بها.
التعاطي مع التحديات والصعوبات
واجهتني أثناء تنفيذي للمبادرة مجموعة من التحديات، منها قلة المصادر والمراجع التي تتحدث عن البذور البلدية، فعدت لنشرات وأبحاث أعدها معهد الأبحاث التطبيقية (2001-2008) في القدس-برنامج التوعية الجماهيرية - مشروع التنوع الحيوي الزراعي، ومن التحديات أيضا عدم توافر بعض البذور البلدية لبعض الخضروات في السوق، ولكن بعد البحث والسؤال من قبلي وقبل الطالبات حصلنا على بعضها من مزارعي المنطقة، وحصلت على قسم منها من والدي الذي كان يحتفظ ببعض منها.
ومن الصعوبات التي اعترضتنا في التنفيذ؛ إضراب الدوائر الحكومية في الفترة التي نفذت فيها المبادرة، ومنها دائرة الزراعة،فاضطررنا لتأجيل زيارتنا لدائرة الزراعة للحصول على بعض المعلومات بخصوص البذور البلدية. وكذلك، واجهتنا صعوبة تدني قدرات الطالبات في جمع معلومات عن تلك المشكلة، واستقصاء أسبابها، وإجراء مقابلات شخصية، ولا أخفي أن ثمة شكوك راودتني حيال قدرة الطالبات على عرض المبادرة أمام لجنة التحكيم والدفاع عنها، فتغلبت على هذه الصعوبة بوضع خطة لتدريب الطالبات وتعزيز هذه القدرات لديهن، وتم تنفيذ الخطة بمشاركة من المجتمع المحلي.
تطلعات مستقبلية
أول ما أطمح إليه هو استمرار هذه المبادرة لتمكين مجموعات أخرى من الطالبات في المشاركة في التصدي لظاهرة فقدان البذور البلدية، وأحلم بامتلاك قطعة أرض كبيرة، لأعمل على زراعتها بجميع أنواع الخضروات البلدية.
ولتطوير المبادرة وتعميمها؛ آمل تحقق الأمور الآتية في المستقبل القريب:
1. قيام المجلس التشريعي بسن قانون خاص بحفظ البذور البلدية وصونها.
2. قيام وزارة الزراعة بإنشاء بنك بذور وطني لجمع وتسجيل الأصناف البلدية من شتى محافظات فلسطين، والاحتفاظ بها فيه، ودراسة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية المؤدية لترك زراعة تلك البذور من قبل المزارعين، وتشجيع المزارعين على الاستمرار في زراعة الخضروات البلدية بالطرق المناسبة.
3. تنظيم حملة توعية جماهيرية على المستوى الوطني من قبل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لإبراز أهمية الأصناف البلدية، وكيفية الحفاظ عليها من الضياع بإشراف جميع فئات المجتمع، و إدماج برامج توعية في المناهج التعليمية من قبل وزارة التربية والتعليم لإبراز أهمية الأصول الوراثية، والحفاظ عليها بما يلائم جميع المراحل التعليمية.
4. استغلال الحدائق المنزلية لدى كل أسرة في المحافظات الفلسطينية لزراعة تلك البذور والعمل على حفظها في عين المكان، وبالتالي توفير جزء من الغداء الصحي للعائلة.
المبادرة كما رآها آخرون
|