مدرسة جبل المكبر
الدورة الأولى
"خطى نحو مستقبل واعد"
· تأسست عام 1980 في مدينة القدس مديرية: القدس الشريف.
** وتضم الصفوف من الاول وحتى السادس
· مدير المدرسة: هشام جعابيص
· عدد طلبة المدرسة: 509 طالب
· الهيئة التدريسية: 28 معلما من حملة الماجستير والبكالوريوس والدبلوم ،ومرشد تربوي .
· توجد في المدرسة مرافق تطويرية،ومنها: مكتبة، ومختبرات علوم، وصالة رياضة، ومختبر حاسوب.
وصف موجز للمبادرة ومبرراتها
انبثقت فكرة المبادرة بقيام مؤسسة فيصل الحسيني بعقد ورشة عمل لعدد من مدارس القدس حول احتياجاتها، فاستثمرت إدارة مدرسة جبل المكبر الفرصة لإبراز موضوع صعوبات التعلم، وتم تبني فكرة إنشاء مركز صعوبات التعلم في المدرسة، ودعمه من قبل المؤسسة لمدة عام؛ ووضعت الخطط المناسبة لديمومة المبادرة التي بقيت مستمرة متقدة منذ عام 2003.
نقطة البداية تمثلت في إعداد فريق مؤهل للعمل في المركز، وعقد دورة تعريفية استهدفت جميع معلمي المدرسة، تم خلالها–عقدت بإشراف خبيرة في المجال - التعريف بمفهوم صعوبات التعلم وكيفية تشخيص الطلبة الذين يعانون من تلك الصعوبات، وأعقب ذلك دورة مكثفة وتخصصية حضرها بعض معلمي المدرسة لتأهيلهم تأهيلا تخصصيا بالموضوع، وتشكيل فريق المركز.
فكرة المبادرة لم تكن بمعزل عما تشير إليه الإحصائيات العالمية من أن النسبة الطبيعية للطلبة الذي يعانون من صعوبات التعلم تتراوح ما بين 13-18% من عدد الطلبة، إذ لم تكن نتائج تشخيص الواقع في مدرسة جبل المكبر، والذي أجراه فريق المركز بمساعدة الخبيرة في هذا المجال، بعيدة عن هذا المؤشر حيث تبين وجود 70 طالبا من الصفوف (الأول – الرابع) يعانون صعوبات مختلفة ومتفاوتة للتعلم؛ الأمر الذي يهدد مستقبلهم، ويقربهم أكثر فأكثر من الضياع والتسرب. لذا؛ سارع فريق العمل لوضع الخطط العلاجية، والوسائل التربوية الكفيلة بإنقاذ الوضع.
عقدت المدرسة اجتماعات مع أولياء أمور الطلبة لإطلاعهم على وضع أبنائهم، وشرح آلية العمل عند اشتراك أبنائهم بالمركز، وقسم الطلبة إلى مجموعات في المجموعة الواحدة من 2-4 طلاب، يعالجون باستخدام الوسائل المحسوسة كعنصر أساسي، والألعاب التربوية، وعقدت اجتماعات عدة مع مربيات الصفوف للطلبة ذوي صعوبات التعلم لاطلاعهن عن قُرب على وضع الطلبة وآلية العمل معهم في المركز، ثم مشاركتهن بالنهج نفسه داخل غرفة الصف، وعقدت جلسات تدخل فردية مع بعض الأهالي للتوافقعلى إستراتيجية عمل مع الطلاب في البيوت، بحيث تضمن الإستراتيجيات تعديل السلوك، وجدولة الدراسة، وتنظيم الوقت، ولم يغفل الفريق جلسات التقييم للعمل، والمتابعة المستمرة، والتواصل الدائم من قبل إدارة المركز واختصاصية الصعوبات من جهة، والفريق والأهالي من جهة أخرى.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
وضعت المبادرة القطار على سكته الصحيحة بعدما كاد ينحرف عنها، فشتان بين واقع يحمّل الطالب المسؤولية كاملة، وينعته بالغباء والإهمال، وواقع يدرك حاجات الطالب الفريدة، فيكد ويتعب لتحقيقها، مسخرا كل الموارد المتاحة، ومتجاوزا -على نحو ملهم وخلاق- كل الصعوبات؛ ليحصد أفضل النتائج.
أسهمت مبادرتنا في إنقاذ الطلبة، الذين وصمهم المجتمع "بالإهمال، والغباء، وقلة الأدب"، من خلال تعديل سلوكياتهم، وزيادة الثقة بأنفسهم وزيادة الدافعية عندهم نحو التعلم، وأصبح هؤلاء الطلبة قادرين على التفاعل بشكل طبيعي، فتحسنت لديهم مهارات القراءة والكتابة والحساب، وتعدل سلوك الكثير منهم بالإضافة لتقوية العضلات وعلاج الإدراك والاتجاهات، وزيادة القدرة على حل المشكلات من خلال جعل التعلم ذا معنى وتحفيزهم وزيادة الدافعية لديهم بربط التعلم بالبيئة والواقع الذي يعيشون فيه، واستطاع العاملون في المركز تقليص الفروق الفردية بين الطلبة وتغيير نظرة الطلبة العاديين لهذه الفئة من الطلبة مما ساعد في بناء علاقة صحية ونفسية واجتماعية داخل المجتمع المدرسي.
ثقة هؤلاء الطلبة بقدراتهم وتقديرهم لذاتهم زادت من خلال الاستفادة من جوانب القوة لديهم، وزاد إقبالهم على مختبر الحاسوب المتوافر في المدرسة للإفادة منه حيث نمت مهاراتهم في استخدامه وتوظيفه في العمليتين التعليمية والتعلمية بالإضافة لتعريفهم بالبرامج التربوية المختلفة، وتحسن تحصيلهم الأكاديمي و اتضح ذلك بمقارنة نتائجهم قبل الالتحاق بالمركزوبعد الالتحاق به.
عوامل النجاح في المبادرة
كان العمل في العام الأول مدعوما من قبل مؤسسة فيصل الحسيني، وساهم مجتمع المدرسة، والمجتمع المحلي بتوفير الدعمين المادي والمعنوي؛ فتكفلت طالبات من المرحلة الثانوية بطباعة أوراق العمل، وتجهيز الوسائل التربوية، وكان أولياء الأمور دائمي المتابعة لأبنائهم يمدون المركز بالتغذية الراجعة حول التغيير الذي يرونه في أبنائهم.
واستطاعت الموارد المادية،- والتي كانت مؤسسة فيصل الحسيني مصدرا من مصادرها-، المساهمة في تحقيق أهداف المبادرة من خلال:
1. تأثيث المركز وتجهيزه بالمستلزمات متل (مكتب،طاولات، خزائن،كراسي...) لبدء العمل فيه.
2. إكمال التغطية المالية لتكاليف التشخيص والعلاج لطاقم المركز .
3. توفير أخصائية صعوبات تعلم تعمل على تشخيص قدرات الطلبة الإدراكية السمعية والبصرية، نسبة الذكاء، فحص عضلات ، وعملت المؤسسة على تغطيتها مادياً.
التعاطي مع التحديات والصعوبات
انتهى العام الأول المليء بالعطاء والمثابرة من قبل فريق المركز؛ ولكن، ماذا بعد توقف دعم مؤسسة فيصل الحسيني؟ فمشاريع كثيرة انتهى أمرها مع كتابة آخر تقرير للجهة الداعمة وتسلم آخر دفعة مالية؛ فهل كان هذا المشروع الطموح أحدها؟ لم يكن هذا الخيار مطروحا في مخيلة المدرسة وفريق المركز، ولكن كيف السبيل إلى الاستمرار؟؟ وإبقاء المركز مفتوحا ؟؟ هذه الأسئلة وغيرها طفت على السطح ،لذا اتخذ قرار بتحديد مبالغ رمزية تدفع من ميسوري الحال، والإفادة من فريق المركز الذي تدرب –اكونه مقيم في المدرسة-؛ واستمر البحث عن مصادر دعم أخرى لإبقاء أكبر عدد ممكن من الطلبة ضمن برامج المركز.
كان لغياب المختصة في صعوبات التعلم أثره في تقليص الخدمات التي يوفرها المركز؛ وأهمها الاختبارات التشخيصية للقدرات السمعية والبصرية والذكاء؛ لكن هذا لم يمنع المركز من الاستمرار في تقديم الخدمات التي لا تحتاج إلى مختصة، ولا سيما تلك التي امتلك بعض المعلمين مهارات تقديمها، وأهمها معالجة الضعف الأكاديمي، والتكيف الاجتماعي، ولا زال المركز مستمرا في تقديم ما بوسعه من خدمات ضمن الظروف والموارد المتاحة.
للموضوعية، كانت هناك فئة من المعلمين غير المؤمنين بالفكرة، ممن عملوا على تثبيط الهمم انطلاقاً من مقولتهم لا فائدة من العمل مع هؤلاء الطلبة، فكانوا فاقدي الصبر يتعجلون رؤية نتائج سريعة. أما أولياء الأمور، فقد كانوا فئتين: فئة ساهمت في إنجاح المبادرة من خلال مساعدتهم وتطوعهم معنا والمشاركة في التقييم المرحلي من خلال ملاحظاتهم حول أبنائهم، وفئة سلبية في موقفها تجاه العمل، ضغطت للإسراع في إحراز النتائج الملموسة وتحقيق تحسن باهر وقفزة نوعية لدى أبنائهم خلال فترة وجيزة.
وهناك صعوبات أخرى واجهتنا في تنفيذ هذه المبادرة و أثرت سلبا،ومنها إيقاف الدعم من قبل مؤسسة فيصل الحسيني، مما اضطرنا لرفع المبلغ المدفوع من الطلبة نظير الجلسات العلاجية، وتوقف أخصائية صعوبات التعلم عن العمل لانتهاء عقدها مع المؤسسة وتوقف الدعم المالي لها،وترافق ذلك مع نقص الوسائل والمستلزمات للعمل داخل المركز لعدم القدرة على شرائها وعدم تفرغ الطاقم للعمل بالمركز لانشغالهم بالعمل المدرسي بعد ساعات الدوام.
ولم نتمكن من استكمال العمل مع العديد من الحالات، وذلك للوضع المادي الصعب لدى الأهل، حيث انقطع العمل مع العديد من ذوي صعوبات التعلم لعجز أولياء الأمور عن الدفع،ورغم مساهمة إدارة المركز في استيعاب بعض الحالات التي عجزت عن الدفع. إلا أنها لم تستطع عمل التشخيصات التخصصية (الإدراك، نسبة الذكاء ، التركيز، ..) لإنتهاء العقد مع الأخصائية، ولم تستطع تعزيز الطلبة كما يجب، لنقص الموارد المادية. وأخيرا – والحديث لإدارة المركز- "لم نتمكن من زيادة عدد المؤهلين في تشخيص وعلاج صعوبات التعلم من أعضاء الهيئة التدريسية لعدم توفر الوقت لديهم ولعدم وجود الاستعداد النفسي لبعضهم.
وإيمانا منا بأن الحلم يبدأ صغير، فقد حاولنا جاهدين تخطي عقبات كثيرة من خلال رفع المبلغ المطلوب من الطلاب مقابل دخولهم للمركز، بشكل بسيط لتغطية التكاليف اللازمة، والعمل التطوعي الرمزي بحيث تتم تغطية ساعات العمل مقابل مبلغ محدد، كذلك، تم استقطاب متطوعات من طالبات المرحلة الثانوية (العاشر والحادي عشر) لمساعدتنا في العمل.
مشكلة توقف أخصائية صعوبات التعلم تم تداركها جزئيا من خلال اللقاء معها بين الفترة والأخرى لاستشارتها في الأمور العالقة كتطوع منها،. وتم عقد اجتماعات عدة مع أهالي الطلبة ذوي صعوبات التعلم لاطلاعهم على آلية العمل مع أبنائهم وإقناعهم بضرورة الصبر، حيث تتفاوت ظهور النتائج لدى طلبة الصعوبات وتم طلب مساعدتهم لتخطي الصعوبات.
تطلعات مستقبلية
نأمل استمرار المبادرة الريادية فهي تشكل بارقة أمل لكثير من الطلبة ممن وجدوا فيها استجابة لحاجاتهم وأساليب تعلمهم الفريدة، وعونا لتحسين تحصيلهم الأكاديمي، وإنقاذهم من الضياع والتسرب من خلال الإسهام في حل مشكلاتهم الدراسية المتمثلة في صعوبات القراءة والكتابة والحساب.
المبادرة كما رآها الآخرون
|