Elham.ps
Ar|Eng
Elham.ps Elham.ps Elham.ps

كوثر محمد عطية

الدورة الأولى

"استنهاض الكامن من قدرات الطلبة حق وواجب"

 


 المهنة: مديرة مدرسة بنات بيت سوريك الأساسية   - منطقة القدس- وكالة الغوث.  
المؤهلات الأكاديمية والمهنية:
·        بكالوريوس رياضيات -جامعة بيت لحم / 1984.
·        ماجستير أساليب تدريس رياضيات - جامعة بيرزيت / 2003.
·         دورات تدريبية في مجالات مختلفة.
أبرز الأنشطة التربوية والمجتمعية:
·        تدريس مبحث الرياضيات لصفوف مختلفة في مدارس وكالة الغوث الدولية.
·        مدرّبة في التربية العملية لطالبات كلية العلوم التربوية وكلية مجتمع المرأة.
 

 وصف موجز للمبادرة ومبرراتها

 وردت فكرة الدفيئة الزراعية في المنهاج المقرر لأكثر من صف دراسي؛ وكانت زيارة البيوت البلاستيكية في البيئة المحيطة أحد الأنشطة التي كنت أحرص على قيام طالباتي بها كل عام، للاطلاع على عمل هذه الدفيئة، وربط ما تتعلمه الطالبات في الجانب النظري في المنهاج المقرر بالتطبيقات العملية في المجتمع المحلي. ولما وجدت أن هذه الزيارة تخدم عددا محدودا من الطالبات، بدأت أبحث عن بديل يتيح الفرصة لجميع طالبات المدرسة لمشاهدة هذه الدفيئة بشكل يومي، والأهم من ذلك، أن يقمن بأنفسهن ببنائها ورعايتها ومتابعتها. لذلك، قررنا الشروع في مبادرة إنشاء دفيئة زراعية "بيت بلاستيكي" في مدرسة بنات بيت سوريك، تلك المدرسة الواقعة في أكناف بيت المقدس في القلب من فلسطين.
 
كانت البداية بإنشاء الدفيئة الزراعية على مساحة 90 م2 على أرض المدرسة غير المستغلة، بمساعدة من المجتمع المحلي، والمهندس الزراعي الذي قمت بدعوته لتوعية الطالبات وبعض أعضاء الهيئة التدريسية في موضوع البيوت البلاستيكية وكيفية تركيبها، والاهتمام بها. ونفذت عملية زراعة الأشتال المقترحة من قبل الطالبات، حسب البرنامج والنصائح التي قدمها المهندس الزراعي وبعض المهنيين من المجتمع المحلي، حيث قدموا للطالبات برنامجا كاملا بينوا فيه كيفية مراقبة نمو الأشتال والاهتمام بها من حيث الري والتسميد، ومكافحة الأمراض التي تصيبها، أو الحشرات التي تؤثر في نموها، بطرق صديقة للبيئة.
 
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
رسخت مبادرة الدفيئة الزراعية في المدرسة، والتي استمرت مدة أربع سنوات متواصلة،  فكرة العمل الطوعي في فريق لدى الطالبات والمجتمع المحلي، وأكدت فعالية نهج التعلم من خلال الممارسة والخبرة العملية، فأقبلت الطالبات على التعلم، وأصبحت المدرسة تعني لهن أكثر من مجرد مكان للتعلم، وساعدت المبادرة في حل مشكلة رئيسة واجهتها مدرسة بيت سوريك وهي التأخر الصباحي لمجموعة من الطالبات، اللواتي انخرطن في العمل وأصبحن يحضرن في الصباح الباكر لرعاية النباتات، وزاد إقبالهن على تناول وجبة الإفطار الصحية؛ هذا بالإضافة إلى أن الدفيئة قربت الواقع النظري الموجود في المنهاج المقرر، فأصبحت عملية التعلم مقرونة بالعمل.
 وانسحب الأثر على أعضاء الهيئة التدريسية من خلال طرح هذه المبادرة التعلم عن طريق المشروع كأسلوب تعليمي تعلمي جديد غيّر من قناعات المعلمات نحو الطالبات ذوات القدرات الضعيفة، فأصبحن يرين أن بإمكان هؤلاء الطالبات الإبداع عند استخدام أساليب جديدة تتناسب وأنماط تعلمهن.
وأعطى نجاح مبادرة الدفيئة الزراعية في مدرسة بنات بيت سوريك الحافز للاستمرار في البحث والتفكير في كل ما هو ممكن من أجل تنمية وتطوير بيئة تربوية لطفولة سوية، و أدى ذلك إلى إثارة الدافعية عند الطالبات بوضع مقترحات فاعلة أسهمت في خلق الأجواء التعليمية الملائمة التي أشعرتهن بأنهن جزء فاعل ومؤثر في اليوم التعليمي الذي تعيشه المدرسة.
 وكان من النتائج الملموسة لهذه المبادرة أنها حققت عملية فكرة البيئة التعليمية التعلمية التي محورها الطالبة، فقد وفرت المبادرة بيئة تعلمية غنية بالأنشطة، ميسرة لاستخدام جميع الحواس لدى الطالبات في تعلمهن، وكانت المعلمة في المدرسة هي الميسرة والمسهلة لعملية التعلم.
 
عوامل النجاح في المبادرة
   يعود العامل الأول والأساسي في نجاح المبادرة إلى إيماني كقائدة للمدرسة- وليس كمديرة فقط- بضرورة عمل شيء خارج عن المألوف في عملية التعليم التي باتت تتسم بالنمطية، شيء يكسب الطلبة الكثير من المعارف العلمية والتوجهات الإيجابية، والمهارات الحياتية، ويعزّز التعاون والمشاركة من جميع الطلبة، ويوّفر فرصة لاندماجهم – رغم الفروق الفردية - على نحو يقود لمخرجات تربوية وتنموية واضحة.
 
أما العامل الثاني، فهو عائد للطالبات اللواتي تعاملن مع هذه الدفيئة وما احتوته من الشتلات زراعية، وكأنها جزء منهن، بما يلزمها من تغذية وري، وقلع الأعشاب الضارة من حولها؛ وكن يحمينها بنظرات عيونهن، ويرتبن ما حولها وكأنهن يرعين طفلا صغيرا من أقربائهن، وترى علامات الفرح على وجوههن إذا أصبحت النبتة أطول مما عهدنها من قبل؛ وفي المقابل، ترى عليهن علامات الحزن إذا ما أصيبت إحدى الشتلات بالمرض أو الموت؛ وكم كانت الفرحة عظيمة لديهن عندما بدأت الثمار بالظهور، وتلك اللحظات الجميلة وهن يصرخن ويخبرن الجميع: "انظروا، إنها تثمر"، وكأن حدثا عظيما جرى في المدرسة.
 
ويتمثل العامل الثالث في نجاح المبادرة فيما تطلبته هذه المبادرة من الطالبات من تفاعل ومتابعة مستمرة ودقة في تدوين الملاحظات، وحضور الذهن وإعطاء الاقتراحات والبحث لتطوير العمل، وكذلك فيما تلقته من مساندة فاعلة من المجتمع المحلي لمدرسة بنات بيت سوريك، فقد اقتنع المجتمع المحلي بجدوى المبادرة ومردودها الخلاق، وهو الذي تبرع بجميع التكاليف المادية للمشروع ، وعمل شبكة الري اللازمة وقدم الخبرات الفنية اللازمة والأيدي العاملة التي قامت ببناء البيت البلاستيكي، ولم يكن التواصل مع المجتمع المحلي وليد المبادرة، لكنها عملت على تعزيزه على نحو أفضل وأمتن.
 
وأخيرا، أستطيع القول أن تكاتف جهود ذوي العلاقة لم يقتصر على إنجاح مبادرة الدفيئة الزراعية فحسب، بل تعدى ذلك لتناول كثير من القضايا التربوية، والبحث عن حلول لمشكلات بيئية، ومتابعة ما تم إنجازه ومناقشة سلبيات وإيجابيات كثير من الخطوات والقرارات. وفي الواقع؛ لا يمكن حصر طبيعة تأثير المبادرة في بعض الكلمات إذ شمل الأثر جوانب متعددة ولا سيما التوجهات الإيجابية نحو المدرسة والانتماء الكبير لها؛ واتضح ذلك من خلال استعداد الجميع للعمل والتنافس الإيجابي بين الطالبات لتقديم أفضل ما لديهن من عمل جيد ومتقن، دون مقابل.
 
التعاطي مع التحديات والصعوبات
 واجهت المبادرة عدة تحديات؛ كان أهمها كيفية التعامل مع مشكلة عدم قناعة كثير من المسؤولين بجدوى هذا المشروع وضرورته لربط ما تتعلمه الطالبة في المنهاج بالحياة العملية، حيث أدى ذلك إلى تأخير موافقة إدارة التعليم على بدء التنفيذ. إضافة إلى ذلك، كانت هناك بعض القوانين الرسمية للنظام التعليمي التي قيدت تصرف المدرسة بمنتوج الدفيئة. وتم التعامل مع هذا التحدي باستخدام أسلوب الحوار مع إدارة التعليم لإقناعهم بالفكرة وأهميتها. والتحدي الثاني تمثل في التنافس العالي جدا من قبل أولياء الأمور والمجتمع المحلي في عرض المساعدة والدعم للمبادرة، مما أدى إلى وجود بعض الحساسية عندما كان يتم استدعاء شخص دون غيره، وقد تضاءلت هذه الحساسية عندما تم تحديد احتياجات المشروع والتنسيق مع المجتمع المحلي حول كيفية تلبيتها.
ومن التحديات الأخرى، أنه رغم أن التعلم بالممارسة العملية يعد أمرا مهما، إلا أنه ليس سهلا في بيئة مدرسية مزدحمة؛ فالوقت غير كاف لتعدد المباحث وازدحام البرنامج الدراسي اليومي للطالبات، إضافة إلى أن عدد الطلبة المتنامي يعوق توفير أدوات عملية لجميع الطلبة في ظل شح الموارد المادية، ناهيك عن اعتياد بعض المعلمين/ات نمطا تقليديا في التدريس، والإحجام عن سبر غور التعلم النشط الغني بالمفاجئات والنتائج الجيدة.
 
أما الصعوبات، فكانت عديدة، ومنها الأجواء الماطرة جداً والرياح القوية التي رافقت تنفيذ المبادرة، وتسببت في إتلاف الدفيئة مرات عدة وأدت إلى الخسارة، فكان يتم الرجوع باستمرار -بعد أي ضرر يلحق بالدفيئة الزراعية نتيجة الأحوال الجوية العاصفة- لأولياء الأمور والمجتمع المحلي لإصلاح ما تلف. أما مشكلة انقطاع المياه عن المدرسة، فقد حلت بالتعاون مع إحدى المؤسسات التي تبرعت بحفر بئر في المدرسة يتسع لمائة كوب من الماء، توفر احتياطيا مناسبا للمياه في حال انقطاعها.
 
تطلعات مستقبلية
    حددت للمبادرة أهدافا كثيرة، وأستطيع القول بكل ثقة إنها وفرت ميدانا تعليميا واقعيا يخدم عناصر المنهاج ذات الصلة، على نحو مكّن من التعلم باستخدام مجموع الحواس والأفكار والقيم المجتمعية المتلائمة مع بيئة الطالبة؛ وعمّق الانتماء لجغرافيا المدرسة والبيئة المحلية؛ وما من شك في أن المبادرة فعلّت دور المعلمات في القيام بأنشطة خارج نطاق صفحات الكتاب الجامدة، وعززت نهجا تشاركيا يستحق أعظم التقدير.
 
نعم، تحقق الكثير، وما زلت أتطلع إلى تحقيق ما لم تتمكن المبادرة من تحقيقه حتى الآن، فالمدرسة بحاجة إلى محطة تنقية مياه على صعيد المدرسة، وتحتاج إلى تطوير خبرات عملية في عمل السماد الطبيعي (compost) واستخدامه، وأرنو لتوسيع المبادرة لتخدم المجتمع المحلي من خلال تنظيم ورشات عمل لأمهات الطالبات الفقيرات لمساعدتهن على إقامة مشروع زراعي صغير لتحسين وضعهن المعيشي.
 
المبادرة كما رآها آخرون
 
"من الأمور التي تلفت النظر في هذه المبادرة المشاركة الفاعلة للطالبات و أولياء الأمور والمجتمع المحلي واستمرارها"
"مبادرة أصيلة وريادية، حملت في طياتها تحديا عاليا. وقد نجحت لتكون قدوة ومثالا للآخرين. إن استمرارها على مدى سنوات شيء مدهش ويستحق التقدير والإعجاب، أما مدى وعمق التأثير فقد كان واضحا بشكل لا يقبل اللبس"
 
لجنة التقييم - إلهام فلسطين
 
 

 

Elham.ps Elham.ps Elham.ps Elham.ps
تصميم و تطوير