سعيد خضر مصطفى أبو خضر
الدورة الأولى
"الدراما والمسرح والأنشطة أساليب لتعديل السلوك"
المهنة: معلم -مدرسة قلقيلية الأساسية الأولى - منطقة نابلس- وكالة الغوث
المؤهلات الأكاديمية والمهنية:
· دبلوم تربية وبكالوريوس أساليب تدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية.
· دورات في الدراما والمسرح، والإرشاد النفسي، وأدب الأطفال، وحقوق الإنسان، والمخيمات الصيفية.
أبرز الأنشطة التربوية والمجتمعية:
· تدريس مبحثي اللغة العربية والتربية المدنية في مدرسة ذكور قلقيلية الأساسية الأولى.
· كاتب وممثّل ومخرج مسرحي، وعضو اللجنة المحلية لحقوق الإنسان، وعضو اللجنة المحلية لمدارس آمنة ومحفزة، وعضو اللجنة التحضيرية لمؤتمرات أدب الأطفال، والبرلمانات الطلابية في مدارس وكالة الغوث.
وصف موجز للمبادرة ومبرراتها
تقوم فكرة المبادرة على توجيه طاقات الطلاب الهائلة والكامنة- خاصة أولئك الذين يوصفون بالعنف والعدوانية- والاستفادة منها بالشكل السليم في تحقيق ذات الطالب وتعزيز ثقته بنفسه وبقدراته، وزيادة إقباله على التعلم والانخراط بإيجابية في المدرسة، وقد اكتشفت منذ بداية عملي معلما في مدرسة ذكور قلقيلية عام 2005 انتشار ظاهرة العنف بأشكاله منتشرة بين الطلاب نتيجة عوامل عديدة أهمها الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الصعبة، والمشكلات العائلية والعادات والتقاليد، بالإضافة إلى جدار الفصل العنصري الذي يلف مدينة قلقيلية من جميع الاتجاهات والذي حولها إلى سجن كبير، وأفقدها المؤسسات الترفيهية التي يجب أن تتوافر أصلا ليرفه بها الطلبة عن أنفسهم، فبدأت البحث عن حلول مناسبة لتوجيه الطاقات المختزنة لدى الطلاب، ووجدت في الدراما والمسرح حلا ملائما.
قمت بحصر عدد الطلاب الممارسين للعنف بدرجة كبيرة تجعل الطلبة يخافونهم ،فتعرفت إليهم وجلست معهم جلسات غلب عليها المكاشفة والصراحة للتعرف على ظروفهم الخاصة ومشكلاتهم وتفهم احتياجاتهم، وجلست مع أهاليهم؛ وبعد جلسات عدة ؛ قمت بتمثيل بعض المواقف الخاصة بهم والتي تعرض لجوانب من حياتهم الخاصة، وطلبت منهم مشاركتي التمثيل؛ وهكذا اكتشفت أن لديهم الميول والقدرة على التمثيل، فطلبت منهم المشاركة في مسرحية بعنوان "الانضباط المدرسي" وعرضها أمام الطلاب والمعلمين لحث الطلاب على الالتزام بالنظام؛ فأبدعوا في هذه المسرحية وأعجب الطلاب بأدائهم، وقام مدير المدرسة بتكريمهم وحثهم على الاستمرار بهذه الأعمال، وأخذت بتدريبهم على العروض المسرحية المختلفة، وشكلت منهم فرقة مسرح المدرسة باسم " فرقة الأمل للتراث الشعبي والفنون المسرحية" ما لبثت أن أصبحت عنوانا للمدرسة في جميع نشاطاتها وفي المحافل الرسمية.
أما المبررات التي دفعتني لهذا العمل، فقد تجلت في قناعتي باعتبار الدراما والمسرح وسيطا لرعاية الصحة النفسية والاجتماعية للطلبة والتعبير عن اهتماماتهم واحتياجاتهم ومشكلاتهم التي أصبحت تشيع في المدارس: ظهور كثير من المشاكل السلوكية وظهور العنف بأشكاله المختلفة، وعدم توافر الأماكن الترفيهية والأندية الخاصة بالأطفال ليقوموا بالتفريغ عن أنفسهم، وعدم اهتمام بعض الأهالي بأبنائهم، ونفور الكثير من الطلبة من المدرسة وتغيبهم المتكرر وتدني تحصيلهم، إضافة إلى الجمود في أساليب التعليم.
أثر المبادرة على المجتمع المدرسي
تركت هذه المبادرة أثارا جلية على المجتمع المدرسي، فعلي صعيد الطلبة، خاصة فئة "العدوانيين" منهم، رعت المبادرة الصحة النفسية والاجتماعية للطلبة من خلال تعديل السلوك، ولوحظ وجود انخفاض ملموس في مشكلاتهم السلوكية داخل المدرسة والتي كانت تتمثل في الاعتداء على الطلبة الآخرين أو التهجم على بعض المعلمين أو تخريب الممتلكات العامة، ووجود انخفاض في عمالة الأطفال، والتأخر الصباحي، والغياب المتكرر، والتسرب المدرسي، وارتفاع في التحصيل في المدرسة، وكان لمشاركة الطلبة في أنشطة الدراما والمسرح دور في صقل شخصياتهم وتعزيز ثقتهم بذاتهم، وتغيير نظرة المعلمين والأهالي إلى الطلاب المعنّفين، وفاز طلاب المسرح في انتخابات البرلمان الطلابي لقوة شخصيتهم ومحبة الطلاب لهم بعد أن أصبحوا عنوانا لحل المشاكل من خلال لجنة الوسطاء الصغار بدلا من أن يكونوا مصدرا للمشاكل كما كان الحال سابقا مع بعضهم.
أما على صعيد المدرسة ككل، فقد أسهمت المبادرة في إشاعة المناخ المدرسي الآمن والداعم، وأصبحت الأجواء المدرسية عامل جذب للطلبة نظرا لما قامت به فرقة المسرح المدرسي من عروض أثارت اهتمام الطلبة، وما حققته من إنجازات للمدرسة، إذ شاركت هذه الفرقة في العديد من المناسبات الوطنية والدينية والاجتماعية التي تقيمها مؤسسات المجتمع المدني؛ وحصلت الفرقة على المرتبة الرابعة في مسابقة المسرح التي عقدتها اللجنة المحلية لمدارس آمنة ومحفزة في منطقة نابلس التعليمية.
عوامل النجاح في المبادرة
ساعد في نجاح المبادرة وانتشارها تقبل الطلاب لها وانخراطهم الفاعل في الحياة المدرسية من خلال الانضمام إلى الفرقة والاستفادة من وقتهم خارج الدوام للتدرب على العروض، وكان للمعلمين وإدارة المدرسة دور داعم وملموس، فمثلا أتاح لي المدير فرصة التعامل مع الطلبة الذين كانوا يوصفون بأنهم "مثيرو المشاكل" وأعطاني الثقة الكاملة بالتصرف معهم لحل مشاكلهم، ودعم المعلمون المبادرة من خلال وقوفهم سندا لي لحل مشاكل الطلاب وشاركوا في طرح الكثير من الأفكار والمقترحات البناءة، وشاركوا بكل فاعلية في الإشراف على العروض، ولعبت المبادرة دورا في تقبل الهيئة التدريسية للطلبة وتغيير علاقتهم معهم، إذا أصبحت هذه العلاقة قائمة على الاحترام والتقدير بدل الانتقاد والتقريع.
وساهم في نجاح فرقة المسرح المدرسي الدعم المعنوي الذي قدمه أولياء الأمور الذين كانت مشاركتهم كبيرة في العروض، حيث أقبلوا عليها بكل شغف ولهفة ليروا أبناءهم، خاصة أولئك الذين اعتاد المعلمون والأهل على وصفهم بمثيري المشاكل، على المسرح، وقاموا بتعزيز أبنائهم وحثهم على المشاركة الدائمة.
أما مؤسسات المجتمع المحلية ،فأسهمت في دعم المبادرة وبكل قوة خاصة محافظ قلقيلية الذي رعى أكثر من عرض مسرحي للفرقة، وقدم الدعم المادي المعنوي لها، بموازاة العديد من المؤسسات الحكومية والمدنية التي دعمت، وكان لوكالة الغوث وإدارة المدرسة دورا جلي في دعم المبادرة وتوفير ما يلزم من تسهيلات سواء للتدريب أو تقديم العروض داخل المدرسة وخارجها.
التعاطي مع التحديات والصعوبات
واجهت العديد من التحديات والعقبات في هذه المبادرة، وأهمها: عدم وجود الوقت الكافي للتدريب ولعمل ورشات وأنشطة داخل المدرسة كوني معلما للغةٍ أساسية وهي اللغة العربية ونصيبي من الحصص كأي معلم آخر، إضافة إلى عدم توافر قاعة للتدريب وقاعة للعرض وخاصة في أثناء فصل الشتاء، وعدم توافر المستلزمات الأساسية كالإضاءة والصوتيات واللباس والكراسي وقلة توافر الدعم المادي، وقمت بمواجهة هذه التحديات من خلال المصادر والموارد الذاتية التي تعتمد على الجهد النفسي، أو من خلال فرق مسرحية أخرى، أو من خلال دعم إدارة المدرسة، أو من ميزانية البرلمان الطلابي، أو من خلال دعم محافظ قلقيلية، وكثيرا ما جعلت بيتي مكانا للقاء والتدريب.
تطلعات مستقبلية
أتطلع لتعميم هذه التجربة في المدارس الأخرى والمناطق التعليمية المختلفة للاستفادة من فعاليتها في إغناء الحياة المدرسية وزيادة انخراط الطلبة فيها. وأطمح إلى تطوير المبادرة باستمرار من خلال مواصلة تدريب الطلبة وضم المزيد منهم للمشاركة في الأعمال المسرحية، وآمل أن تتاح لي الفرصة للتنسيق مع وسائل الإعلام من أجل بث الأعمال المختلفة، والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني لتعميم المبادرة والخبرات، وأن أقوم بتصميم موقع إلكتروني خاص بالمبادرة.
المبادرة كما رآها آخرون
|