عفاف خولي
( الدورة الخامسة )
"توظيف تلوين الأشكال والرسومات ذات الخط البارز في تعليم الكفيف"
المعلمة عفاف عساف حسن خولي
مدرسة القبس للإعاقة البصرية
مدرسة خاصة تابعة لوزارة الأوقاف - مديرية التربية والتعليم – رام الله
وصف موجز للمبادرة ودوافعها
انطلقت فكرة المبادرة من سؤال أحد الطلبة ما هو شكل العلم الفلسطيني؟ للوهلة الأولى راودتني فكرة رسم العَلَم بخط ملموس وتحديد ألوانه بنفسي. وسرعان ما لمعت في ذهني فكرة رسم حدود خارجية بارزة للعلم، وجَعْل الطالب يعبئها بالألوان المناسبة. حقيقة، بهرتني السعادة التي ارتسمت على وجوه الطلبة أثناء تلوينهم العَلَم. من هنا ارتأيت أن أتبع نفس الطريقة في تدريس الخرائط؛ أي أن أرسم حدودا بارزة لخريطة معينة، وأعهدها للطلاب ليلونوها، بعد أن أعرّفَهم على أسماء الألوان التي سيستخدمونها أثناء التلوين؛ هذا النهج كان له دور كبير في غرس مفهوم الخرائط في نفوس الطلاب ويسر عليهم حفظ الخرائط وسهولة تعيينها.
جوانب التميز في المبادرة
تتجلى قيمة المبادرة بما لها من آثار إيجابية خلقت لها مكاناً مشرقاً في نفس الطالب الكفيف، الذي أصبح يشعر بالمساواة بينه وبين قرينه المبصر فزادت ثقته بنفسه.من جانب آخر، أخرجت الطالب من عالم الروتين القاتل إلى عالم التجديد، فأصبح أكثر تشوقا للحصة التي يتعلم فيها عن طريق فن التلوين. الأمر الذي أدى إلى ازدياد تفاعل الطلاب داخل غرفة الصف، وإنماء روح المنافسة في سرعةِ الانتهاء من إكمال تلوين الخرائط. هذا بالإضافة إلى تنمية حاسة اللمس لطلابٍ يعانون من مشكلات فيها، فأثر على تحسن سرعة الإدراك والتمييز لديهم.
أثر المبادرة في المجتمع المدرسي
تأثير المبادرة كان بالدرجة الأولى على الطلاب المكفوفين، حيث ازدادوا حماساً لحصص الجغرافيا والتربية الوطنية، وتعزز لديهم العمل الجماعي والمنافسة في إتقان التلوين للرسومات والخرائط مثل: علم فلسطين، وخرائط فلسطين، وخرائط الوطن العربي وغيرها. وغرست في نفوسهم الثقة العالية؛فقد أصبحوا، وزملائهم الطلاب المبصرين الذين سيشاركونهم في نفس المقعد مستقبلاً، يحملون أقلام تلوين. وجعلت التعلم عملية جذابة، وسهلت سبل تحقيق الأهداف في الدراسة.
أما أولياء الامور، فعبروا عن سعادتهم المنبثقة من سعادة أبنائهم، وأعجبوا بإصرار أبنائهم على ضرورة اطّلاعِهم على منجزاتهم المرسومة؛ ما دفع الكثير منهم لنقل المبادرة إلى بيته، وشراء مواد التلوين لأبنائهم، وهذا الأمر ساعد على تقليل حساسية الأخ الكفيف من أخيه المبصر. أما الهيئة الإدارية والهيئة التدريسية فقد عبرت عن ضرورة الاستمرار في هذه المبادرة، حيث إبداع الفن والترفيه وتحقيق الأهداف للحصة في آن واحد. ومن الزميلات من شجعتني على كتابة حروف الخط المبصر مكبرة ومجوفة بالخط البارز باللغتين (العربية والانجليزية) وبدوري قمت بتطبيق الفكرة وكانت فكرة ناجحة، حيث عبّر الأطفال عن فرحتهم لانتقالهم من العالم الخاص بهم - نظام برايل - إلى عالم المبصرين.
عوامل النجاح في المبادرة
كان التفاعل من قِبَل كل الأطراف ملموسا منذ بداية العمل .فالطالب، أصبح يشارك في صنع الوسيلة التعليمية، حيث كنت أقوم برسم حدود خارجية بارزة للخريطة ويقوم الطالب بتلوينها. وكان الطلبة يتشاورون معا في اختيار الألوان المناسبة. لقد عززت هذه المبادرة عززت روح التعاون بين الطلاب ضعيفي البصر والطلاب المكفوفين.وبالنسبة لأولياء الأمور فقد شاركوا أطفالهم الرسم البارز وأتقنوا دوري في تخطيط حدود الرسومات البارزة ليقوم أطفالهم بتلوينها.
وظَّفْتُ في مبادرتي مواد متوفرة في المدرسة بأسعار زهيدة، تتمثل بورق حجمه A3 للرسم عليه، وألوان الصابون لإمكانية تَلَمُسّها باليد بعد الانتهاء من عملية التلوين، والجلاتر ذو الألوان المختلفة لرسم الخطوط البارزة. إلى جانب توظيف الطاقة الذهنية للطالب وتوسيع خياله، وذلك من خلال محاولة مطابقة الصورة المرئية في الواقع للصورة الملموسة أيضاً في الواقع على قدر الإمكان، والتي يقوم الطالب بتلوينها بنفسه، فهذا كفيل لتفتيح مدارك الطالب. كما أن الطاقة الجسدية في هذه المبادرة موظفة وذلك من خلال استخدام اليدين في عملية التلوين.
التعاطي مع التحديات والصعوبات
تمثلت التحديات بعامل الوقت اللازم لإنجاز التخطيط الخارجي بالخط البارز لرسومات الخرائط، والوقت الذي يحتاجه الطالب لإنجاز ما يُطلَب منه في إطار التلوين، وتغلبت على ذلك بعملي في البيت والعمل الصباحي مع الطلاب.
وأما التحدي الأكبر فقد تمركز في ذهن الطالب الكفيف، الذي يفتقد لوصف الألوان. فلجأتُ لتقسيم الألوان إلى قسمين: غامق، وفاتح. اللون الغامق كالليل. واللون الفاتح كالنهار. اللون الأصفر كالشمس والشمس تظهر في النهار، فاللون الأصفر فاتح. ولجأت لربط الألوان بمظاهر الطبيعة الجميلة، لون العشب أخضر. من ألوان الورود أحمر، زهري، هذان اللونان جميلان لأنهما لون الورد. بهذه الطريقة تركّز في ذهن الطالب أسماء الألوان.
الحراك الذي أحدثته المبادرة
أوجدت المبادرة مساحة جديدة للكفيف في مجال فن التلوين، ولاقت الدعم الكافي من الإدارة التي سارعت إلى توفير المواد الخاصة بالرسم. أما المعلمات، فقد باركنَ هذه الخطوة التي أخرجت الكفيف من الجمود إلى الحياة. ولمس أولياء الأمور التغيّرات التي تنتاب أبناءهم؛ فأوصوا بأهمية الاستمرار في المبادرة؛ لما لاحظوه من آثار إيجابية على نفسية أبنائهم وتقدمهم الأكاديمي. هذا بالإضافة إلى التشجيع الكبير من جامعات ومدارس عبرت عن مدى استحسانها لهذه الطريقة في التعليم، وضرورة تعميمها على العاملين مع ذوي الاحتياجات الخاصة.