تناول برنامج فضاءات تربوية الذي يبث على فضائية مكس/ معا موضوع حب الأطفال لمدارسهم، هذا الموضوع الذي يشغل بال الكثيرين، ويعاني منه الطلبة، والأهل، والمعلمون على حد سواء، ولأهمية الموضوع نقدم لكم الحوار كاملا.
مقدم البرنامج: الأستاذ حذيفة جلامنة: تعد المدرسة بمثابة بيت ثاني للطفل فيها يعيش بجسمه، وعقله، وروحه، وأحاسيسه، وعليه فإن الحياة المدرسية وخاصة خلال المرحلة التكوينية من عمر الطفولة تترك بصماتها على شخصية الطفل بأبعادها المختلفة وتلازمه مدى الحياة، والبيئة المدرسية بعناصرها المختلفة قد تكون داعمة ومحفزة لنماء الطالب ونشأته السوية وقد تكون كابحة ومعيقة ومشوهة لجانب أو أكثر من جوانب شخصية، وفي ضوء هذا فإن حب الأطفال لمدارسهم قضية محورية وأساسية نخصص لها هذه الحلقة من فضاءات تربوية، ويسعدنا أن يكون معنا الأستاذة ريما زيد الكيلاني مدير عام الإرشاد والتربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم، والأستاذ فريد مرة مدير مركز القياس والتقويم في جامعة القدس المفتوحة، أهلا وسهلا بكما ونبدأ مع الأستاذة ريما.
مقدم البرنامج: ما هي أهمية أن يحب الأطفال مدارسهم وأن يذهبوا اليها صباحا وهم سعداء؟
أ. ريما الكيلاني: يذهب الطفل سعيد إلى المدرسة من اللحظة الأولى إذا أيقظناه من النوم وهو مكتفي بالنوم، اذا كان هذا الطفل محضرا لحقيبته بالليل، وأخذ فطوره وسمع كلمات تشجيع من الأم والأب، بالتالي هو سيذهب إلى مدرسته سعيدا.
مداخلة من حذيفة جلامنة:هذا الأمر وكأن الأهل هم الذين يتحملون المسؤولية ولكن ماهي القضايا التي تلعب دورا في حب الأطفال إلى مدارسهم داخل المدرسة.
أ. ريما الكيلاني: بدأت بخارج المدرسة لأن الطفل يأتي حاملا هذه النفسية إلى المدرسة، وبالتالي تنعكس على سلوكياته داخل المدرسة، التي يجب أن يكون الطفل فيها سعيدا، وأن لا يشعر بها بالتهديد، يأتي التهديد للطفل داخل المدرسة من علاقته مع الزملاء، من نمط علاقته مع المعلمين، طبيعة دوره بالمدرسة، ليس فقط كطالب، يوجد له دور إجتماعي، له دور في النشاطات، في تمثيل المدرسة في فعاليات مجتمعية، وبالتالي اذا وجد الطفل نفسه داخل المدرسة يأخذ أدوارا مختلفة يصبح سعيدا، لكن اذا بقي دوره داخل المدرسة فقط الطالب متلقي الأوامر، فهذا عنصر سلبي، ويؤثر على نفسيته داخل المدرسة.
مقدم البرنامج: أستاذ فريد هذا الحب للمدرسة أو الكره لها هل ينعكس على جوانب مختلفة لدى الطالب مثلا مثل تحصيله؟ مثل الاتجاهات لديه ؟ مثل صحته الشمولية ؟ ما مدى صحة هذا الشيء ؟
الأستاذ فريد مرة: الحب هو الطاقة التي تحمل الأهداف، نحن نريد تعليم الطالب وبدون الحب لا يوجد نجاح حقيقي. في التربية الجميع يتحدث عن التربية (في الجامع، في المدرسة، في التلفزيون، والأهل يتحثون عن التربية) لكن نحن يوجد عندنا مشكلة في تطبيق التربية،علم التربية كعلم معرفة كلنا نتحدث عنه لكن في التطبيق يوجد عندنا مشكلة.النقطة الثانية الإنسان بطبيعته قابل للتعلم والطفل عالم، هو عمليا من لحظة ولادته حتى يذهب للمدرسة يصبح عالم، المدرسة نظام إذا البيت يوجد فيه نظام بالتالي لا يوجد فجوة بين الطالب الذي يذهب من البيت إلى المدرسة، لكن إذا وجدت الفوضى في البيت، ولا يوجد نظام، فعندما يذهب الطالب إلى المدرسة وتقيده هنا يصبح هناك فجوة، فدور الأهل بالأساس خلق نظام في البيت. المدرسة نموذج مصغر للحياة أيضا يجب أن لا يكون فجوة بين المدرسة والحياة، والأهل أيضا دورهم إذا نجح الطفل أو فشل فهذا جيد، الحياة ليس فقط نجاح امتحانات الحياة أوسع وأشمل.
مداخلة من مقدم البرنامج: أنا كنت أود أن اسأل لاحقا حول هذا الموضوع، أحيانا ما يكره الأطفال من المدرسة هو التركيز على التحصيل، هذا الجانب فقط دون الالتفات إلى الجوانب الأخرى.
الأستاذ فريد مرة: يجب على الأهل مقارنة الطالب بنجاحاته وليس مقارنته مع الآخرين لأن مقارنة الطالب بالآخرين هي سلبية، الصورة التي يصنعها الأهل عن المدرسة عندما يتحدثون عنها بشكل سلبي هي صورة سلبية، دائما هناك لغة رسائل سلبية من الأهل حول صورة المدرسة، وبالتالي الطفل يكوّن صورة سلبية عن المدرسة، أيضا التوتر بين الزوج والزوجة في البيت له إنعكاس سلبي على الطفل في المدرسة، عدم وجود نظام في البيت له انعكاس سلبي على الطفل في المدرسة، بينت الدراسات أن الأهل يبعثون 48 ألف رسالة سلبية لأبنهم بين سن 1 إلى 18 سنة حول الحياة والمدرسة بشكل أساسي.
مقدم البرنامج: ندعونا نشاهد هذه المقابلات التي أعدها فريق العمل مع الطلبة، والتي سألناهم خلالها لماذا يحبون المدرسة؟
• إعطاءنا حصص رياضة والخروج مع الزملاء وقت الفرصة.
• التعلم والتثقف في المدرسة.
• اعطاءنا حصص الفن والعربي.
• نحب المعلمين والمعلمات والكتب.
• امضاء وقت ممتع مع الأصدقاء والزملاء.
مقدم البرنامج: مع أن المقابلات قصيرة ولكنها إلى حد ما معبرة، الطلبة لم يركزوا كثيرا على جانب مع أن بعضهم قال يحب الكتب والدراسة، تحدثوا عن الرياضة وعن التفاعل بين الزملاء، تحدثوا عن قضايا ما ذكرتموه في البداية أنهم لا يهتمون به وهذا ما يجعلهم يحبون المدرسة، ما تعليقكم أستاذة ريما؟
الأستاذة ريما الكيلاني: لفت نظرنا أنهم تحدثوا عن حصص الرياضة وعن الفرصة وإمضاء وقت مع الزملاء، جميعها قضايا ايجابية وعندما يتحدثون عن الرياضة والضحك مع الزملاء هذا يعني أن هناك حيز يفرغون فيه مشاعرهم، وطاقاتهم، ويعززون علاقاتهم الاجتماعية، فهذه القضايا التي أراها قوية عند الطلبة هي بالأصل التي أبني عليها في علاقة الطالب بالمدرسة، أو المعلم يبني موقف تعليمي من ضحكة في الصف، فهذا الموقف لن يمحا من عقول الأطفال في المدرسة، وحصص الرياضة والفن هي التي تساعدهم على التعبير عن مشاعرهم، وهذه المشاعر إذا ما أعطيت مساحة أكبر تنطلق وتخرج، ويصبح أسهل استيعاب الرياضيات، والفيزياء، والقواعد. نحن نتحدث عن أي طالب أو طالبة بالمدرسة بغض النظر عن عمره، حاجاته النفسية اذا تمت تلبيتها في المدرسة سيصبح أكثر سعادة وبالتالي يحب المكان.
مقدم البرنامج :أستاذ فريد أيضا ما هو تعليقك على ما شاهدنا؟
الأستاذ فريد مرة:الجميع يجب أن يفهم نحن نريد ناجح في الحياة ليس ناجح في الامتحانات، نحن نريد أولادنا أن يصبحوا مثل ما يريدون في المستقبل، الأهل هم الماضي والحاضر، والأطفال هم الحاضر والمستقبل، وبالتالي المستقبل أمامهم مجهول وفي مغامرة، أما الماضي فمعروف وهناك دروس مستخلصة، نحن دائما نريد مساعدتهم أن يكونوا مثلما يريدون ليس مثلما نريد، وبالتالي نحن داعمين للأطفال، السلوك اليوم لأي طفل إما صحيح أو خاطئ، إما يحب أو يكره، النضج هو حالة توازن بين الصح والخطأ، وبين الحب والكره، الطفل أقرب بقراراته ما بين يحب ويكره لقرارات صح وخطأ .
مقدم البرنامج: أيضا سألنا الطلبة حول القضايا التي تجعلهم ينفرون من المدرسة أو يكرهون المدرسة، لنشاهد ماذا قال الأطفال .
• أستاذ الرياضة ومعلمة العربي يصرخوا على الطلاب وبحسسونا أنهم بكرهونا
• بيصرخوا المعلمات بالطالبات.
• عدم توفير المدرسة لكل شئ مثل العناية بالمرافق الصحية، وكمان العنف في المدرسة.
• عدم فهم بعض المواد مثل الرياضيات,ويجب تحسين المناهج.
مقدم البرنامج :أيضا المقابلات قصيرة لكنها معبرة، أستاذة ريما ما هو تعليقك على المقابلات؟
الأستاذة ريما الكيلاني: الطفل لما يشعر بأن الشخص الأمامه يكرهه يكون إقباله ضعيف على أي شئ حتى لو أعطاه إياه بأحسن الأساليب التي اخترعها العقل التربوي وهذا يقودني عمليا لنتائج دراسة عندما حاولنا تحديد معايير لمدرسة صديقة الطفل، وطبقت على الطلبة في صف رابع وثامن، في صف رابع كان أهم معيار للمدرسة التي يرغبها الطالب المرافق الصحية، ونظافة المدرسة، بينما الصف الثامن الأكبر عمرا قالوا نريد ناس تسمع لنا وتفهمنا، هذا يقودني هل فعلا مدارسنا تساعد الطلبة على أن يخرجوا طاقاتهم أم لا، أحيانا أجيب بأن المدرسة لا تخرج طاقاتهم دليل ذلك عندما يخرج الطفل من المدرسة التي يمكث فيها 6 ساعات تقريبا وعندما يخرج من باب المدرسة تكون عنده طاقة في جسمه مخزنة من الصباح وتنفجر، وهذه واحدة من الأشياء التي تعتبر منفرة من المدرسة، والطلاب بالأصل تحدثوا عن جوانب نفسية أكثر من الحديث عن جوانب أكاديمية.
مقدم البرنامج: أستاذ فريد أيضا ما هو تعليقك على مقابلات الطلبة ؟
الأستاذ فريد مرة: الصراخ من قبل المعلمة أو من قبل الأهل هو لأن الطفل قام بشيء ما، والصراخ لا يحل هذا إنما يريح ويحل مشكلة الشخص نفسه، وتزيد مشكلة الطفل، ثانيا من معايير جودة التعليم أن الأطفال يحبون المدرسة، ثالثا التعليم بالمعنى عندما يبقى الطفل لا يفهم ما يقرأه ويحفظ لإرضاء أهله، ويكون هذا عبئا على الطفل لكن الأهل يشجعوه وسعيدين به.
مقدم البرنامج أستاذة ريما إذا كان حب الأطفال لمدارسهم يلعب هذا الدور المهم، وله هذه الأهمية، كيف يمكن أن يؤخذ هذا الحب بعين الإعتبار وعلى أية مستويات يجب أن يكون؟
الأستاذة ريما الكيلاني: يجب على التربويين المسؤولين عن المدارس أن يفهموا هذه الحاجات، وأن يفهموا الخصائص النمائية للطفل، وبالتالي على أية مستوى نأخذ هذه القضايا، أنا أقول طبيعة اليوم الدراسي له علاقة بهذا الموضوع، بالضرورة أن نراجع طبيعة اليوم الدراسي وتركيبته هل صحيح أن اليوم الدراسي يجب أن يكون 3 حصص وفرصة و3 حصص، هذا نظام ممل لمدة تسع شهور، ويحق للطالب رحلة واحدة، ويوم مفتوح بالسنة، وينظر بنوع من الضيق، لماذا يكون عدد قليل من الطلاب هم منتخب المدرسة، يأخذونهم من المدرسة على مدن أخرى ويمثلوا المدرسة بأشياء أخرى، وباقي المدرسة لا يحق لهم.يجب التفكير بنظام اليوم الدراسي ماذا يشمل ؟ وكيف يتم توزيع الحصص الدراسية فيه؟ هل صحيح أن يكون اليوم الدراسي للطفل 3 حصص وفرصة أم حصتين وفرصة، حصتين وفرصة أطول وحصتين، وبعد الحصتين يكون فترة للأنشطة المختلفة للمدرسة الإختيارية وليس بالضرورة أن يكون منتخب مدرسة.حصص الرياضة والفن يجب أن ننظر لهذه الحصص بقضية مهمة، ويجب أن نكون حازمين فيها جدا، هل فعلا هذه الحصص تعطى بشكل حقيقي ؟ أم تستغل هذه الحصص للتعليم.طبيعة تركيبة اليوم الدراسي لكل الصفوف من صف أول لغاية التوجيهي عندهم نفس اليوم الدراسي,الطفل في صف أول يوجد عنده حاجات تختلف عن طفل في صف عاشر، بالتالي يجب النظر للنظام التربوي ليس بشكل أن الجميع مثل بعضهم البعض، يجب تنويعه حسب حاجات الأطفال والتنويع في جلسة الطلاب داخل الغرف الصفية.
مقدم البرنامج: أستاذ فريد تحدثتم عن أهمية تكامل العلاقة بين البيت وبين المدرسة، وأن لا يكون هناك فجوة، ما هي الخطوات العملية التي يمكن أن تقوم بها سواء المدرسة أو الأهل على هذا الصعيد لتحقيق هذا التكامل؟
الأستاذ فريد مرة:عندما يتحدثون اليوم عن الذكاء الإجتماعي، أو الذكاء العاطفي، والذكاء العقلي مثلا في الرياضيات، والعلوم، والامتحانات،عندما يتحدثوا عن الجهتين يقولوا أن 95%من الذين يتم فصلهم من وظائفهم نتاج ضعف في الذكاء الإجتماعي، وأن 97% شخصية في العالم بين أن تفوقهم بشكل أساسي نتاج الذكاء الاجتماعي، الذكاء العقلي(الدراسة والامتحانات) سبب الحصول على وظيفة لكن ما يرقي في الوظيفة هو الذكاء الاجتماعي، بالتالي قضية التركيز على الدراسة وعلى العلاقات هذه القضية يجب الخروج منها نهائيا مهمة لكن يجب الخروج منها.جزء ثاني من أجل الأهل، الإنسان ينجح في الحياة من نقطة قوة واحدة، والأهل دورهم أن يركزوا على نقاط القوة عند إبنهم ويعززوها ونقاط الضعف تمنع الفشل، إن لكل طالب تكوينه الفريد الذي يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار، الأهل والمدرسة والتناغم بينهم، أهم شيء أن يكون في البيت نظام، وفي المدرسة نظام، وكما هو النظام مرن في البيت، يجب أن يكون نظام مرن في المدرسة، يحدث تلاقي ما بين نظام البيت ونظام المدرسة، هذا كله لأجل فصل الفجوة مع الحياة المجتمعية.
مقدم البرنامج: أستاذة ريما ما هي الرسائل التي توجهينها والتي قد تساعد في تعزيز أو الالتفات إلى قضية مهمة كثيرون يغفلون عنها، ولا يهتمون يحب المدرسة أويكرهها ؟
الأستاذة ريما الكيلاني: بشكل محدد أنا رسالتي سؤال للأم التي قبل أن يخرج طفلها للمدرسة وإذا أزعجها في الصباح وهو ذاهب للمدرسة تقول له عندما تأتي من المدرسة ما رح تلاقيني في البيت، أريد أن اسألها كيف تتوقعين أن سلوك طفلك في هذا اليوم في المدرسة؟
مقدم البرنامج:أستاذ فريد أيضا في النهاية نفس السؤال، لكن هنا أريد أن أحصره في داخل المدرسة، رسائلك لمن داخل المدرسة؟
الأستاذ فريد مرة: التعامل الإيجابي في كل القضايا تحل المشاكل، النظرة داخل المدرسة يجب أن تكون نظرة إيجابية، نظرة الأستاذ نظرة إيجابية وأهم شئ روح المدرسة والحياة هي الحب.
مقدم البرنامج :أختم بما قاله الأستاذ فريد الكلمة السحرية والحب وهي أيضا للأطفال تجاه مدارسهم.
أعزائي المشاهدين في هذه الحلقة من فضاءات تربوية حاولنا أن نطرح موضوع لا يهتم به الكثيرون ويعتبرونه هامشيا وهو حب الأطفال لمدارسهم، حاولنا مع ضيفينا بحدود الوقت المتاح أن نبين أهمية هذا الموضوع وانعكاساته على جوانب الصحة الشمولية للطفل، وأيضا دور الأهل والمدرسة في هذا المجال.
نتقدم بالشكر الجزيل لضيفينا الأستاذة ريما زيد الكيلاني مدير عام الإرشاد والتربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم,والأستاذ فريد مرة مدير مركز القياس والتقويم في جامعة القدس المفتوحة.
ومعاً نحو بيئة تربوية لطفولة سوية