تناول برنامج " فضاءات تربوية " الذي يبث عبر شاشة فضائية مكس/ معا، كثمرة تعاون بين وكالة معا الإخبارية، وتلفزيون القدس التربوي، ومؤسسة التربية العالمية/ إلهام فلسطين، تناول ملف التوجيهي، الذي سيقدم عبر حلقات متتالية خلال الفترة القادمة.
تضمنت الحلقة حوارا أجراه مقدم البرنامج: الإعلامي، والباحث التربوي حذيفة جلامنة، مع د. بصري صالح/ الوكيل المساعد لشؤون التخطيط والتطوير في وزارة التربية والتعليم العالي، وتركز الحوار على الوقوف على المرتكزات التي يجري وفقها نقاش عملية التطوير، كذلك أبرز ملامح التغيير الذي يجري الحديث عنه.
وقد بثت الحلقة يوم الأربعاء الساعة الرابعة والنصف، وأعيد بثها يوم الخميس في الساعة الثالثة، ولأهمية الموضوع الذي يشغل بال المجتمع الفلسطيني عامة، نقدم لكم هذا الحوار كاملا.
سؤال: لماذا هذا النقاش حول موضوع التوجيهي، تصاعده في السنة الأخيرة، مبرراته، وطبيعة المشكلة تحديدا ؟
جواب: موضوع التوجيهي موجود في النظام التربوي الفلطسطيني وأصبح موروثا حقيقياً في هذا النظام منذ عشرات السنين، وتحديدا منذ بدايات عام 1963 والطلاب الفلسطينين يجلسون للامتحان في نهاية المرحلة الثانوية، بما يسمى امتحان شهادة دراسة الثانوية، وقد جرى العديد من التعديلات الطفيفة على هذا الإمتحان إلا أنه لم يتم البحث بعمق، وبشكل مدروس، وجذري بهذا الامتحان حتى نستطيع أن نحدث التطوير المنشود، وأن نستجيب إلى التطلعات المختلفة والآراء التي تطرح تربويا حول هذا الامتحان، وهذا النقاش ليس نقاشا وطنيا فلسطينيا فقط، إنما أنظمة الإمتحان في كافة أرجاء العالم في حالة من البحث من أجل التطوير ونحن نأتي في أواخر عمليات النقاش، دواعي التطوير دواع مرتبطة بمراجعة الهدف المرجو من هذا الإمتحان، وأي إمتحان يقوم مقام هذا الإمتحان، وأيضا نتيجة للتطورات المختلفة التي طرأت على الميدان التربوي، وعلى الصعيد الاجتماعي بشكل عام في المجتمعات المختلفة، وبالتالي أصبح هناك بحث عن إمتحانات تعقد بآليات مختلفة وبأهداف محددة.
أولا: امتحان الثانوية العامة هو قاعدة مهمة جدا للانطلاق والتحول من مرحلة، والانطلاق إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة التعليم العالي وخصوصاً في فلسطين، وهذا الإمتحان أصبح يلقى احترام لأنه يشكل في معظم الأحيان العنصر الرئيس في الحديث عن المعايير المفاضلة للطلبة للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، نظرا للمصداقية التي يتمتع بها وخاصة في موضوع إجراءاته، وضبط هذه الاجراءات وقضايا كثيرة جدا، أيضا لأنه يرتبط بهذا المجال بالتحديد أصبح يلقى اهتمام من قبل الطلاب، والمدارس، وأولياء الأمور لأنه يؤثر على مستقبل أبنائهم بشكل أساسي. لذلك الحديث عن هذا الإمتحان مرتبط بأذهان الناس بشكل عام بالحديث عن آلية تؤدي نتائجها في تحديد المستقبل، حيث الآفاق الرحبة، والمستقبل الواعد، أو أن يتعرض – لا سمح الله - لانتكاسة وبالتالي يؤثر على مستقبله، لذلك هذا القلق المستمر ناتج بشكل أساسي من الوظيفة التي يؤديها الإمتحان، والوظيفة التي يؤديها أي إمتحان بمثل هذا الإمتحان، وبالتالي هذا القلق مشروع في إطار الإجراءات التي تجري على هذا الامتحان منذ فترة، وأيضا في إطار عملية التطوير التربوي المختلفة التي لا بد أن ترافق التطوير في كافة أرجاء ومناحي العملية التربوية في فلسطين رغم كل الصعوبات التي نجدها في هذا الموضوع إلا أننا في وزارة التربية والتعليم ونتيجة استجابتنا لمتطلبات عملية التطوير أولا، ولرأي الناس ثانيا، حيث النقاشات في كل عام.
منذ نشأنا ونحن نسمع في كل عام عام اقوال كثيرة من صحفيين، وإعلاميين، وتربويين، وباحثين، ومهتمين وأحيانا سياسيين يحاولون تقديم هذا الموضوع بشكل أو بآخر نحو التخلص من هذه الرهبة، أو من هذا التوتر، والقلق، وايجاد آلية أكثر سلاسة وليونة، والبعض يتطرف إلى حد المطالبة بإلغاء هذا الامتحان.
سؤال: تصاعد الجدل في السنة الاخيرة تحديداً وكانت الأصوات لا تطالب بالتعديل بقدر ما تطالب بالإلغاء هل تعتبرون هذا أمراً مقبولاً ؟ وبأي اتجاه تنظرون إلى مثل هذه المطالب؟
جواب: المطالبة بإلغاء نظام كنظام امتحان الثانوية العامة له متطلبات كثيرة جداً، وبالتالي نحن الآن في سياق مختلف، يجب أن نكون موضوعيين في الحديث حول هذه القضية، أيضاً ملتصقين بالأرض التي نقف عليها، لأن هناك سياق تربوي، وسياق اجتماعي، وسياق اقتصادي لا يجب إغفالها، وأن تؤخذ بعين الاعتبار عندما نتحدث عن نظام امتحانات الطلبة في نهاية المرحلة الثانوية.
كثير من الدول في المنطقة لم تلغ هذا الامتحان، وإنما استبدلته بآليات مختلفة، وامتحانات أخرى للقبول في مؤسسات التعليم العالي وبالتالي المطروح في فلسطين هو عملية تطوير لنظام امتحان الثانوية العامة أكثر من أي شي آخر، وآفاق التطوير وأبعاده ومرتكزاته واسعة جدا.
سؤال: ماهي أهم المعالم لنظام التوجيهي، وامتحان التوجيهي ؟ وأيضا هيكلية نظام التوجيهي وارتباطها مع متطلبات الالتحاق بالجامعات؟
جواب: أولا نظام التوجيهي هو نظام موجود وفي بعض الأحيان محفوظ عن ظهر قلب من قبل الطلبة وأولياء الأمور، والمعلمين، لأنه يحمل تكرارا لهذه العملية، وهناك اهتمام بهذا الأمر بشكل كبير، هذا النظام في جله يهتم بنقل الطالب، أو إعطاء الطالب تقييماً لسنة دراسية واحدة وهي سنة التوجيهي، من أجل نقله إلى مرحلة تعليم أخرى هي مرحلة التعليم العالي، وبالتالي هذا النظام بشكله العام يبدو أنه نهاية لمرحلة دراسية استمرت 12 عام هي المرحلة الأساسية والمرحلة الثانوية، إنما في وظيفته ينظر إلى الأمام، وبالتالي تقييم الطالب يستخدم استخداماً أساسيا ليس للحكم على هذا الطالب، أو لإصدار حكم حول ما حصله بعد 12 عام، إنما استخدامه من أجل مقارنة الطلاب ومحاولة وضعهم في إطار عملية مفاضلة من أجل الإلتحاق بمؤسسات التعليم العالي، هذا الامتحان يتمتع بسمعة عالية لأن له إجراءات موثوقة نتيجة عمليات الضبط والسرية، والاهتمام، والشفافية في إجراءاته المختلفة سواء في عمليات الإعداد لهذا الامتحان، أو في عمليات المراقبة، وما يتبعها في تصحيح ومعالجة لعلامات الطلاب، وأيضا الشفافية المطلقة في رصد علامات الطلاب، ومحاولة ضبط نواتج هذه العملية بشكل واضح، وكلها قضايا إيجابية يجب أن ننظر إليها حتى في عملية التطوير على أنها قضايا أصبحت راسخة في المجتمع الفلسطيني وبالتالي كل ما يتعلق بالأبعاد الايجابية التي عكسها الامتحان يجب النظر إليها على أنها مدخرات يجب المحافظة عليها مع أهمية النظر إلى الجوانب السلبية المختلفة التي قد تطرأ .
من التحليل لهذا الموضوع أن هناك حالة من التوتر والقلق في مرحلة الاستعداد للامتحان وهذا ما يدفع العديد منا لطرح أسئلة كبيرة جداً حول هذا الموضوع لأن إمتحان الثانوية العامة والسياقات المختلفة التي يفرضها، وظلاله على الأسرة، والمدرسة ثقيلة جدا، تترك آثارا سلبية في الوضع النفسي والوضع التربوي الذي يجري خلال عام كامل من الدراسة لسببين:
الاول: هو الغرض الذي يقوم الامتحان.
الثاني: هو الإجراءات، والتركيز الكبير جدا على أن يتجاوز الطالب في هذه المرحلة هذه الإجراءات والعبئ الثقيل الموجود على كاهل الطالب، وهو في بعض الأحيان ينظر إليه إيجابيا، لأن الطالب قبل أن ينتقل إلى مرحلة التعليم العالي يجب أن يكون قد امتلك من القدرات والامكانيات والمعارف ما يمكنه للانطلاق نحو التعليم العالي. وينظر إليها أحيانا سلبيا لأنها تلقي عبئا كبيرا على الطالب في فترة زمنية قصير جدا من أجل إستدعاء كافة المعارف التي حصلها في سنته الدراسية الأخيرة بشكل أساسي، ويفترض تربويا في كافة المعارف التي حصلها طيلة سنوات دراسته في المدرسة، وخاصة في مواد أساسية مثل اللغة العربية، واللغة الانجليزية، والرياضيات، لأنها مواد تراكمية، فعندما نقيس تحصيل الطالب بعد 12 عام من الدراسة لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أبعادا مختلفة، ولا نضع هذا الطالب في إطار مدة زمنية محددة قد يحدث فيها كثير من المفاجآت، لذلك عملية التطوير تدرس بشكل جذري هذه القضايا وتنظر إلى أبعاد مختلفة مرتبطة بهذا الموضوع، مع أهمية الحفاظ على كافة الأبعاد الإيجابية المترتبة على هذا الامتحان، وأهمها أهمية هذا الإمتحان كمعيار للدخول إلى مراحل التعليم العالي. لا نريد على الإطلاق أن يكون في هناك أي مساس لقيمة هذا الإمتحان واهمية نتائجه كمدخل لعملية الولوج إلى التعليم العالي، وهي مرحلة مهمة جدا خاصة في رفد المجتمع بكوادر مؤهلة تستطيع القيام بالوظائف، وتنسجم أيضا مع متطلبات التطوير في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع
سؤال: بالحديث عن المضامين الاساسية أو المنطلقات لعملية التطوير سواء للنظام أو الامتحان هنا على ماذا نعتمد ؟ وعن أي سياقات نتحدث ؟ وهل وزارة التربية والتعليم مدركة لأهمية هذا التطوير والدواعي المختلفة لها ؟
البحث في هذا الموضوع كان خيارا مدعوما اجتماعيا وتربويا، وأعتقد أن هناك دعما سياسياً أيضا. وبالتالي عندما نتكلم عن قضية مدعومة على كافة الصعد، وهنا تصبح هذه القضية استحقاقا. وبالتالي على وزارة التربية والتعليم أن تلبي هذا الإستحقاق، وعلى هذا الساس كان قرار الوزارة بفتح هذا الملف قرارا مرتبطا بالإستحقاقات السابقة التي لها داوعي وتبعات كثيرة جدا هذا أولاً، ثانياً لم تطرح الوزارة هذا الموضوع من أجل مزايدات أو نقاش لأنه لا نريد من خلال البحث في هذا الموضوع أن نترك العملية لاجتهادات لأن الاجتهادات كثيرة، ويجب أن تخضع هذه العملية لمعالجة مهنية وتربوية معالجة واضحة. لا تقبل اطلاقا الإجتهاد، إنما تقبل فقط البحث والأسس التربوية العلمية المهنية المحضة، لذلك توجهنا في هذا الموضوع من خلال عمل نوع من التحليل الموضوعي لكل ما يحيط بهذا الأمر في أربعة جوانب أساسية أعتقد ان من المهم جدا أن تبقى في الذهن.
الجانب الاول: مرتبط بتحليل هذا النظام الموجود بين ظهرانينا، لا بد أن نخضع هذا النظام لعملية تحليل وهذا ما فعلته الوزارة، وهنا لا نعتمد على انطباعات، أو آراء، أو مقالات، إنما نحكم على هذا النظام من خلال تحليل ينظر إلى عمليته، وتربويته، ينظر إلى موائمته مع متطلبات عملية التطوير التربوي المتلاحقة والسريعة، إلى درجة مرونته، وإلى مجموعه من المعايير الاساسية التي تم النظر إلى هذا النظام بناء عليها وبالتالي تم تحليل كل الإجراءات، التعلميات، والترتيبات التي يقوم عليها هذا الامتحان،بدءا من التسجيل للامتحان، إلى النظر للمناهج التي يقدم فيها الطلبة هذا الامتحان، وإلى التعليمات الخاصة بهذا الامتحان وإلى آليات مختلفة تستخدمها الوزارة في جلوس الطلبة للامتحان، وعملية التصحيح، والمراقبة، ووضع العلامات، وكان هنالك منطلق أساس لهذه العملية، هذا المنطلق مرتبط بأن نحلل كل ما يتعلق بهذا الامتحان، أو بهذا النظام من جوانب عديده موجودة الآن وتطبق حتى لا نظلم أي من هذه الإجراءات وحتى نكون قادرين على الحفاظ على الجوانب الايجابية منها، والتكريز في أي عملية تطوير على الجوانب السلبية المحور الثاني: إرتبط بالاطلاع على توجهات وآراء ذوي العلاقة، نحن لدينا طلبة، ومعلمين، ومديري مدارس وأولياء أمور، وممثلين لمؤسسات التعليم العالي، ومسؤولين، وبالتالي أطياف مختلفة من المجتمع لديها خبرة تراكمت عبر السنوات، وأيضا لديها مصلحة، ولديها مستقبل، كان لا بد من الإستماع إلى وجهة نظر هؤلاء بشكل واضح حتى نستطيع أن نرى ما هي التوجهات الحقيقية لهذا الاتجاه، بالتالي كان هناك عملية استغرقت وقتا تضمنت الجلوس والنقاش مع أعداد كبيرة جدا من الطلبة والمعلمين في كافة أرجاء الضفة الغربية، وأحيانا في غزة، وأيضا مقابلة عدد كبير من ذوي العلاقة من مؤسسات التعليم العالي، ووزارة التربية والتعليم بكافة المستويات والناس الذين يعملون في هذا النظام من أجل رصد توجهاتهم وخبرتهم وتطلعهم نحو الأمام.
كان هناك أصواتا مدوية لدى الطلبة، وأولياء الأمور، ولدى المعلمين ناتجة أحيانا عن ألم، وأحيانا حرصا على أن يكون المستقبل مستقبلا واضح المعالم . وبالتالي كان من المهم الإستماع لهؤلاء وتسجيل ملاحظاتهم في هذا الإتجاه، وقد كنا فخورين بالإستماع لهذا الكم من المداخلات من قبل أطراف مهمة جدا في هذه العملية، التي قيمت الواقع ووضعت بعض ملامح المستقبل.
البعد الثالث: ما هو موجود في المنطقة والعالم، فنحن لسنا الدولة الوحيدة التي تقوم بتطوير نظام الإمتحانات، لقد كنا معنيين بدراسة عدد من النماذج، والإطلاع على عدد من التطورات التي حدثت، وخاصة النماذج التي يتم التعامل فيها وأصبحت واضحة في فلسطين، حيث أن طلابنا يجلسون لإمتحان الثانوية العامة، وبعض الطلبة يختارون بعض الأنظمة الدولية، وقد نظرنا لنظم موجودة في الدول العربية وخاصة في مصر والأردن، ونظامين من دول الخليج، وهي أنظمة تطورت حديثا ( المقصود زمنيا ) وقد ساعدنا هذا الأمر في إستقاء عدد من التوجهات الأساسية الناتجة عن دراسة هذه الأنظمة.
إن من أهم التوجهات التي تم إستخلاصها من هذه الأنظمة هو تأكيدها على منحى وتوجه نحو المراحل الآحقة من التعليم، أكثر من المراحل السابقة من التعليم، وهنا نتحدث عن فحص قدرات تساعد الطالب باتجاه الإنخراط في الجامعة، أكثر من فحص ما يحفظ من معلومات لمراحل سابقة.
ولا يعني هذا عدم النظر للمراحل السابقة التي تعد مهمة، لكن المراحل الآحقة هي الأهم، وهذا يعني أن هذه الأنظمة تركز على القدرات والمهارات التي يمتلكها الطالب، أكثر من مفاهيم مرتبطة بالمنهاج المدرسي.
كذلك معظم هذه الأنظمة لم تتضمن إمتحانا واحدا، بمستوى واحد، وبفترة زمنية واحدة، إنما تتعدد فترات القياس، وبالتالي معظمها يتوفر فيها أكثر من مستوى واحد من مستويات القياس، بخلاف نظام التوجيهي الفلسطيني، حيث أن هناك جلسة واحدة، يجلسها الطالب خلال ثلاثة أسابيع يضع خلالها كل ما لديه من إمكانيات، وهي التي تحدد قدرة هذا الطالب.
كما أن معظم هذه الأنظمة تعطي الطالب حرية أكبر في إختيار التخصص الذي لا يملى عليه، بل يجب على النظام التربوي أن يساعده في عملية إختيار التخصص، وهذا يتطلب تهيئة الظروف ما قبل الثانوية العامة من خلال إرشاد مهني وأكاديمي، والنظر بموضوعية لقدرات الطالب.
القضية الرابعة، عندما نتحدث عن قياس فلا بد أن نتأكد من الخصائص السيكومترية للأدوات، وهنا نحن نتحدث عن الإمتحان، هذه الخصائص تساعدنا أن نكون عادلين بغض النظر عن أماكن تواجدهم، ومن يعلمهم، وبالتالي ينبغي أن يكون الإمتحان ذو خصائص عالية، ذات معايير محترمة، وهذا يجعلنا نضمن أن هذا القياس ثابت، وصادق وموضوعي.
لقد إسترعى إهتمامنا العديد من القضايا في التجربة الإقليمية والدولية، وهي قضايا أساسية تجاوزها العالم اليوم وأصبحت ثابت من الثوابت الأساسية.
المحور الرابع والأخير: من المحاور التي درستها الوزارة هو التطورات في العلم، وأي إمتحان هو جزء من علم يسمى ( علم القياس والتقويم ) وهو علم لحق به تطورات في السنوات الأخيرة، حيث دخلت التكنولوجيا، وقضايا كثيرة جدا، حيث بحثنا فيها بعمق كي نتعلم ونستفيد قدر الإمكان، وبالتالي عملية التطوير التي قمنا بها تستند إلى إطار علمي، منظم جدا، الأمر الذي من شأنه أن يجعل أية قرارات تبنى على ذلك هي قرارات لا تأخذ أطفالنا وطلابنا إلى المجهول، بل تأخذ بيدهم نحو الأمام، والمستقبل، وكذلك تحاكي النماذج الموجودة عالميا من ناحية النوعية، وبشكل أساسي تفتح آفاق رحبة أمام هؤلاء الطلبةن وتحافظ على مصداقية الإمتحان.
سؤال: هل نستطيع القول أن وزارة التربية والتعليم جاهزة لعملية التغيير؟ وهل من متطلبات عملية للقيام بهذه العملية ؟
الجواب الأولي على السؤال هو نعم، الكلام الكثير في هذه الفترة في الإعلام، وفي ورش العمل، وفي الإجتماعات التي تعقدها الوزارة في داخل الوزارة وخارجها مع مديري المدارس، الكلام هنا يدور حول مقترح محدد قامت الوزارة في الفترة الأخيرة بتطويره إستنادا إلى المحاور الأربعة التي تم التطرق لها بالتفصيل.
هناك معالم أساسية في الطريق، أولا من ناحية عملية نحن نتكلم هنا مقترح، أو نظام مطور عن النسخة الحالية لنظام التوجيهي يراعي جميع القضايا الأساسية والعقبات والسلبيات الموجودة في النظام الحالي، وهذا تغيير، والتغيير يحتاج جملة من القضايا التي تجعله تغييرا مقبولا أولا، وتغيير ممكن ثانيا، وتغيير سلس ثالثا، حتى نستطيع أن نذهب في مجتمعنا إلى حالة من الإستقرار، وليس إلى إضافة قلق مضاف إلى القلق الموجود به مجتمعنا لأسباب مختلفة، ولهذا نريد أن نستوفي كل مراحل التشاور، يتضمن لمسات الجميع، وبالمناسبة نحن نتحدث عن نظام فريد، قد يتعلم منه الكثيرون في المنطقة، وأن يكون نموذجا يتحتذى، وسنستمر في التشاور، على أن يقدم لمجتمعنا دون نواقص وبكل الوضوح، دون أن يكون عامل الزمن هو العامل الضاغط.
سؤال: هل نستطيع القول أن عملية التشاور في مراحلها النهائية ؟
نعم نستطيع ذلك، فنحن ومنذ خمسة شهور في مرحلة التشاور، ونحن نتحدث مع جميع الأطراف، ونتمنى أن يكون جاهزا قبل نهاية العام الدراسي الحالي، حتى يعرف طلبتنا الذاهبون للمرحلة الثانوية ما هو معد لهم، وكيف يختلف عما سبق، هناك إستحقاقات إدارية، وفنية، وتربوية، لا بد من النظر إليها بشيء من التحليل حتى نستطيع القول أننا أرسينا ركائز أساسية، وأتمنى أن لا يأخذ زمنا طويلا، وهنا أود التأكيد على قضية هامة للغاية، ألا وهي أن التغيير عملية صعبة، ومن يتوقع أن يكون هناك تغيير خالص وإيجابي مئة بالمئة، تتفق عليه جميع الأطراف، ويلاقي الإجماع، من يتوقع ذلك أعتقد أنه يتكلم في الخيال، الوزارة ستقدم هذا المقترح لمجتمعنا، نحن بحاجة إلى سنة أو سنتين حتى يستقر هذا النظام، كما إستقر النظام السابق، وهذا يتطلب تكاتف الجميع، لأن الهدف الساسي لكل ما نقوم به هو التقدم خطوة في عمليات التطوير التربوي لمصلحة مجتمعنا وأبناءنا،وكذلك التخلص من العبئ في المدارس المتمثل بعدد المباحث.
مع قرب إنتهاء مرحلة التشاور المستفيضة، هل يمكنكم إطلاعنا على بعض الملامح لهذا المقترح الذي يتم تدارسه ؟
أولا أريد القول أن أي تطور سنجريه سيكون تدريجيا، ولن يكون بين ليلة وضحاها، وسنبني على ما هو إيجابي، وسنعالج قصر الفترة الزمنية التي يتعرض لها الطالب للإمتحان، وعليه سيتضمن النظام القادم طرح الإمتحان وتقسيم المواد على أكثر من فترة، ومن الممكن أن يكون على سنتين مثلا، وتقسيم المواد المطلوبة من الطالب خلال هاتين السنتين حتى يبقى الطالب مرتاحا.
الأمر الآخر أنه سيجري إعادة النظر في التخصصات التي تطرح، بحيث يكون هناك تخصص جديد في المجال الأكاديمي مرتبط مع ما هو موجود في التعليم العالي، وبديل للتخصص المعروف الآن في التجاري، ويمكن أن يكون إسمه مرتبط بالإدارة والمعلوماتية، وهناك إعادة نظر في بعض التخصصات المهنية، هناك إهتمام بعدم التركيز في هذا النظام بقضايا مرتبطة بالحفظ، وهذا يتطلب مدى، لأن له إستحقاقات تدريب للمعلمين، ونقلة نوعية في المناهج، لكن هذا سيمكننا من الإنتقال من مرحلة التركيز على الحفظ والإستظهار، إلى مرحلة قياس مهارات وقدرات تراكمية، نحن مهتمين بنظام يكون قادرا على مساعدة الطلبة على إختيار التخصصات الملائمة لهم في التعليم العالي بشكل متروي، وأسلوب مهني جيد، نظام يسبقه إرشاد وتوجيه مهني وأكاديمي، هذا بالإضافة إلى العديد من القضايا التي يمكن الإضاءة عليها عندما يكتمل المقترح.
سؤال: ذكرتم أن المقترح سيتم تطبيقه بالتدريج، هل نتوقع هذا العام بدء تنفيذ هذا المقترح ؟
هذا يقرره التقدم في المشاورات، والإستحقاقات المطلوبة، وعليه إذا إستطعنا أن ننجز كل ذلك قبل نهاية العام الدراسي الحالي، سيكون لدينا فرصة جيدة للتطبيق الأولي في العام القادم، ونحن هنا لا نريد أن نضغط طلبتنا.