بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الأخ الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء
معالي الوزراء
السيداتُ والسادةُ ممثلو المؤسساتِ الشريكة
السيداتُ والسادةُ الحضورُ الكريم مع حفظ الأسماء والألقاب
ما الذي يصنعُ الفارقَ بين الاعتيادي والخارق ؟
وما الذي يجعلُ البعضَ يمرّونَ في مسيرَتِهم مرورَ الكرامِ، ويجعلُ آخرينَ يوثّقونَ حضورَهم بِبصمةٍ تفوحُ منها رائحةُ الإلهام؟
هذه بعضٌ مما اعترانا من تساؤلاتٍ حرصتْ المحطاتُ المختلفةُ من "إلهام فلسطين" أن تجيبَ عنها ، وظلّت التساؤلاتُ حاضرةً في الوجدان ، تُلقي بِظلالِها على كلِّ محطةٍ من محطاتِ العمل.
الحضور الكريم
ثمّةَ خصوصيةٌ حَكمتْ التجربةَ منذُ انطلاقةِ برنامجِ "إلهام فلسطين" وحتى اللحظة، حيثُ لامستُ أنا وزملائي- من أعضاءِ اللجانِ المختلفةِ التي عملتْ على مدى السنتينِ الماضيتين - شيئاً خفياً في الذات ، بحثاً عن واحةٍ يتقاطعُ فيها الإبداعُ مع التقدير ، لنعزّزَ بدلاً من أن نُعَزِّر، ولنشيعَ الأملَ بدلاً من الإحباط ، من أجلِ طفولةٍ ربّما لم تجدْ فرصةً مواتيةً لتنمو في أرضِنا الخِصبةِ التي يحاول الإحتلالُ أن يمحو كلَّ معاني الأملِ فيها.
وقد شكّلَ هذا المنظورُ الأساسُ الذي اعتُمدَ لدعوةِ المبادرينَ ولتقييمِ مبادراتِهم ، مما مكّنَ من استكشافِ المبادراتِ المُلهمة، واستطلاعِ جوانبِ التميّزِ والإلهامِ فيها، وخاصةً تلك التي استلهمت الفكرةَ مما بَسطُ ظاهرُه وتعمّقَ فحواه ، ومما توّحدَ هدفُه وتشعّبَ أثرُه.
وانطلاقاً ممّا سبقَ، فقد تواترتْ مئاتُ المبادرات ، وقد تجلّى التميّزُ في بعضِها بمُجاراة العصرِ عبرَ بوابةِ التكنولوجيا لتحقيقِ الأهدافِ التربوية ، واستلهمَ البعضُ الآخرُ أسلوباً مميزاً للتعلمِ والتعليمِ عبَّرَ عنه من خلالِ الدراما واللعب ، كما عزَّزَ بعضُها شراكةً مجتمعيةً وجسّدَ مُناخاً مدرسياً ملائماً ، وعزز البعض الآخر الصحة النفسية والإجتماعية للطلبة ، وأنارت أخرى بفعلِ من حُرموا من نعمةِ النظر، وظلّتْ عقولُهم متوقدةً مُبصرة .
وقد لاقت مائةٌ وستونَ مبادرةً من أصل سبعمائةٍ وإحدى وتسعينَ مبادرةً تقدّمَ بها معلمونَ ومرشدونَ ومديرون ومدارس ، رشّحوا أنفُسَهُم أو تمّ ترشيحُهم من قِبَلِ الغير، لاقتْ تقييماً ايجابياً أولياً ، وقد ميّزها جميعاً أنها بدأت بالتشكُّلِ وتعزّزت لدى المبادرينَ دونَ أن تصدرَ بقرار ، بل نتيجةَ احساسٍهم بالمسؤولية، وقد اعتُبرَ أصحابُها سفراءَ للإلهامِ ينتشرونَ في كافةِ أرجاءِ فلسطين، وهذا مما يُعزّز أملَنا في أن يتواصلَ النهجُ الإلهاميُ بطريقةٍ تُحقّقُ دمجاً واعياً بين الخبرةِ والطموح .
الحضور الكريم
لقد تضمّنتْ مسيرةُ "الهام فلسطين" تعزيزاً لمفاهيمِ التشاركيةِ والدقةِ والشفافية ، كمرتكزاتٍ أساسيةٍ صاحَبتْ مراحلَ الإعدادِ والإعلانِ والعمل ، وخصوصاً مرحلةَ التقييم ، حيث اشتركَ الخبراءُ بتجاربِهم الغنيّة، والشبابُ بطموحاتِهم المشروعة ، مما شكّلَ حالةً من التفاعل بينَ خبرةِ الخبراءِ وطموحِ وأمنياتِ الشبابِ أثناءَ عمليةِ القييم ، أُفرزت اثنتان وثلاثون مبادرةً تستحقُ التكريم، وثمانٍ أخرى جرى توثيقها وإبرازُها.
وفي ضوءِ ما تحقَّقَ نأملُ أن تكونَ الخطوةُ مؤسّسةً لما هو مرجوّ، وتحفيزاً للمزيد من المبادراتِ الإيجابية ، فنحنُ لا نريدُ أن تكون التجربةُ صفحةً تطوى ، نريدُها أن تتحولَ إلى حالةٍ تُعاش ، فثقافةُ تقديرِ الإبداعِ يجبُ أن تكونَ مُنطلقاً من منطلقاتِ استحضارِ وتحفيزِ كُلِّ المبادراتِ التي تستهدفُ أولاً وأخيراً بيئةً تربويةً لطفولةٍ سويةٍ متكاملةٍ لأطفالنا ، ليعيشوا كباقي الأطفالِ في هذه القريةِ الكونية. ولعلَّ لقاءَ اليوم ، مُجرّدَ اللقاء ، هو تجسيدٌ لعمَلِنا جميعاً نحوَ هذا الهدف. وما دعمُ الوزراءِ والمسؤولينَ في المؤسساتِ الشريكةِ ، ومثابرةُ جميعِ من شاركَ من خبراءَ ومتخصصين ، والرعايةُ الكريمةُ من دولَتِكم وحضورُكم شخصياً لهذا الحدثِ، ما هو الا دعمٌ لمسيرةِ التميزِ والإبداعِ في هذا المجال كما هو في كافة المجالات. الحضور الكريم،،،
آنَ لكلِّ مبدعٍ أن يأخذَ فُرصَتَه ، فمبادرات وسيمٍ وأحلامٌ وكوثر تعزّزُ الانطلاق ، وجهودُ أسيل ، ومبادرةُ سمير ، ورؤى سعيد ، وعطاءُ محمود ، وإيمانُ أيمن ، وانطلاقةُ داعس، والانتصارُ لخيارِ انتصار، والقائمةُ تطول، كلُّها مبادراتٌ حطّمت الجمودَ وكسرتْ الرّتابَة . كما انصهرتْ الروحُ الفرديةُ في عطاءٍ جماعيٍ فبزغَتْ شمسُ مدارسَ بيتين، وبناتِ شويكة، والمدرسة الإسبانية، وجبل المكبر، وغيرها من المدارسِ لتُعبّرَ عن أهميةِ العملِ بروحِ الفريق، وقد كانت الخلاصةُ إبداعاً في مجالاتٍ عدّة ، أعادَ الرّوحَ لما يتمُّ تداوُلُه في الميدانِ التربوي ، من ضرورةِ مواجهَتِنا جميعاً لتحدّي "النوعية في التعليم" بعدَ أن انتصرتْ فلسطينُ نحوَ تحقيقِ التعليمِ للجميع ، بشهادةِ المؤسساتِ الدوليةِ المتخصصةِ في هذا المجال.
الحضور الكريم
من أجلِ الطفولةِ بادرَ المُبادرون ، ومن أجلِها نحنُ مطالبونَ بالعطاءِ وتقديمِ الولاءِ لوطنٍ ما بَرِحتْ شمسُ من غابوا عنه تضيءُ طريقَ من بَقوا فيه ، فهلاّ قَدّمنا بعضاً مما علينا من استحقاقٍ تجاه ذواتِنا ، أقولُ ذواتَنا وأعني ما أقول، وأباركُ للمُلهمينَ المُبادرين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته